لم يبلغ إليه أجلا له (ش ، ب ، ١٥٠ ، ١٢)
ـ اعلم أنّه كان (الأشعري) يقول إنّ الأجل والحين والوقت والزمان ممّا تتقارب معانيها ، وإنّ أجل كل حادث حال حدوثه. وكان يقول إنّ الأفعال على الإطلاق بحدوثها لا تقتضي مكانا ولا زمانا ، لأنّ المكان والزمان محدثان أيضا ، فلو كان كذلك تعلّق كل مكان بمكان وكل زمان بزمان لا إلى غاية وذلك فاسد. فعلى هذا إذا قيل" أجل الدين" المراد به الوقت الذي يحلّ فيه الدين فكان لصاحبه أن يطالب به. وأجل الحياة حال حدوثها ، وأجل الموت حال حدوثه (أ ، م ، ١٣٥ ، ٢)
ـ كان (الأشعري) يحيل قول من قال لوقت لم يبلغ إليه المخبر عنه بذلك إنّه أجله ، ويقول إنّ تحقيق ذلك يؤدّي إلى أن يضاف الأجل إلى من لم يكن له أجل ، ولا يجوز على التقدير مثل ذلك أيضا لما يلزم عليه من المقالات الفاسدة. وهذا هو نكتة الخلاف في هذا الباب بيننا وبين القدرية ، لأنّا نقول إنّ المقتول ميّت مات بأجله كمن ليس بمقتول ، فإنّه إنّما مات باجله المعلوم له المقدّر. ويستحيل قول من قال إنّ ما لم يبلغه من الوقت أجله ، كما يستحيل قول من قال فيما لم يحدث فيه من الحياة إنّه حياته أو موته على الحقيقة ، وإنّما يقال ذلك توسّعا ومجازا (أ ، م ، ١٣٥ ، ٩)
ـ اعلم أنّ الأجل إنّما هو الوقت ، وأمّا في العرف فإنّما يستعمل في أوقات مخصوصة ، نحو أجل الحياة وأجل الموت وأجل الدين ، ولا يكادون يستعملونه في غير ذلك (ق ، ش ، ٧٨١ ، ٢)
ـ إنّ الأجل هو الوقت الحادث ، وإن كان من جهة الاستعمال قد غلب على أوقات الحياة والممات ، فإذا صحّ ذلك فكل وقت قد علم تعالى أنّ العبد يموت فيه وحكم بذلك وأخبر عنه ؛ فقد جعله أجلا لموته ، فلا يجوز أن يتقدّم موته هذا الوقت ولا يتأخّر ، لا لأنّه تعالى لا يقدر على تقديم موته ، وتأخيره ، لأنّه عزوجل لو لم يقدر على ذلك ، من حيث علم أنّه لا يقع ، لوجب أن لا يوصف بالقدرة على الضدّين ، لأنّه قد علم في أحدهما أنّه لا يقع ، ولوجب ألّا يوصف ، بالقدرة على أن يزيد في المكلّفين من علم أنّه لا يكلّفه ولا يخلقه ، ولوجب إذا علم أنّ الشيء يوجد لا محالة أن لا يقدر على خلافه ، وهذا يوجب وقوع أفعاله على طريقة الاضطرار ، وكفى بهم خزيا أن تؤدّيهم هذه المقالة إلى أن يقولوا في الله تعالى بمثل مقالتهم في العبد بالجبر (ق ، م ١ ، ٢٨٠ ، ١١)
ـ اعلم أنّ الأجل هو وقت مخصوص. ومعنى ذلك أنّه ما لم يتقدّم كلام أو كتابة يتبيّن بهما حدوث هذا الشيء عند غيره لم يسمّ أجلا. وعلى ذلك تدخل الآجال في الديون وفي أثمان الأشياء. ولا يكون كذلك إلّا بقول من المتعاقدين واشتراط منهما ، وإلّا فالإطلاق لا يقتضي ذلك. وقد حكى في الكتاب أنّ شيوخنا ربّما أطلقوا القول بأنّ الأجل هو الوقت ، وأنّ كل وقت أجل. ثم بيّن أن الأولى ما ذكرناه من تقدّم الاشتراط وإقامة الدلالة على حصول هذا الشيء عند غيره بقول أو كتابة. وعلى نحو ذلك وصفه الله عزوجل بأنه مسمّى فقال (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (طه : ١٢٩ ؛ الروم : ٨ ؛ الأحقاف : ٣) (ق ، ت ٢ ، ٤٠٦ ، ٢)
ـ إنّ الذي يصحّ أن يجعل أجلا هو الثابت دون المقدّر. ومعلوم أن الوقت الذي حدث فيه موته