ـ التوليد على ضربين ، أحدهما : أن يكون متعدّيا عن محلّ القدرة ، والآخر لا يكون متعدّيا. فإن لم يتعدّ عن محلّ القدرة لزم ما ذكرناه في المباشر ، وإن كان متعدّيا عن محلّ القدرة فالذي يتعدّى به الفعل عن محلّ القدرة ليس إلّا الاعتماد ، والاعتماد مما لا خطر له في توليد الجسم (ق ، ش ، ٢٢٣ ، ١٤)
ـ إنّ الغير إنّما يعدّي الفعل عن محل القدرة بالاعتماد ، والاعتماد لا حظّ له في توليد الاعتقاد (ق ، ش ، ٣٤٣ ، ٤)
ـ واحد ما يدلّ على أنّ الاعتقاد لا يصحّ أن يولّد الجوهر ، أنّ من شرط الاعتماد في توليده لما يولّده في غير محلّه أن يكون هناك مماسّة واتّصال. وهذا الشرط هو شرط في التوليد لا في حدوث المسبّب ، بدلالة أنّ عند حدوثه قد يصحّ عدم السبب ، فبان بعدم الاتصال أحق. وإذا لم يكن بدّ من هذا الشرط وكان الجوهر يحدث باينا عن محال الاعتماد فلا بدّ من الاتّصال (ق ، ت ١ ، ٨١ ، ١٨)
ـ متى أرادوا بالطبع ما يحصل من إحراق النار فذلك هو الذي نثبته من الاعتمادات التي تولّد التفريق ، وكأنّهم سمّوا ما فيه طبعا وسمّيناه اعتمادا. وكذلك فيما في الماء من الثقل الذي يوجب النزول إلى ما شاكل ذلك بعد أن يجعل هذه الأمور معلّقة على فاعل مختار يصحّ منه أن يمنعها من التوليد والإيجاب (ق ، ت ١ ، ٩٢ ، ٢١)
ـ قال (أبو هاشم) فيه : والاعتماد يولّد الصّكة والوهى في الجسم ، ويولّد الوهى الألم ، وقال في موضع منه : والمماسة لا تولّد ، والتوليد إنّما يكون بالاعتماد وما يتولّد عنه كالوها وغيره ، وقال في الأبواب : لا يمتنع أن يكون الاعتماد مولّدا للألم والوهى جميعا ، وقال في موضع منه : والذي يولّد عندنا هو الاعتماد دون الكون لاختصاصه بالجهة ، وقال في نقض الطبائع : والاعتماد هو الذي يولّد دون الحركة إذا ارتفعت الموانع ، ويجوز أن يولّد بعد وجوده بزمان إذا كان باقيا ، وقال في الجامع : والأصوات تتولّد عن الاعتماد والمصاكّة التي إنّما تصحّ في الأجسام الصلبة وكذلك الكلام ، ثم قال : والذي يولّده هو اعتماد اللسان على نواحي فمه ، وقال في البغداديات : والاعتماد يولّد في الثاني ، كذلك قاله في نقض الإلهام ، وقال في الأبواب الصغيرة ما يدلّ على أنّ الحركة تولّد الاعتماد (ق ، غ ٩ ، ١٣٨ ، ١٠)
ـ اعلم إنّه إذا ثبت بما قدّمناه أنّ الأصوات والآلام والتأليف لا تحدث من فعلنا إلّا متولّدة ، فلا بدّ من سبب يولّدها من فعلنا ، لأنّ فاعل السبب يجب كونه فاعلا للمسبّب ، وكما ثبت ذلك في هذه الأجناس فقد صحّ أنّ ما يفعل من الكون في غير محلّ القدرة والاعتماد لا يقع إلّا متولّدا فلا بدّ فيه من سبب أيضا ، وإن كنّا قد نفعل ما هو من جنسهما ابتداء في محلّ القدرة لأنّ صحّة ذلك لا تخرجهما من أن يكونا متولّدين متى عدّيناهما عن محلّ القدرة من حيث ثبت بالدليل أنّه لا يصحّ من الواحد منّا أن يبتدئ مقدوره إلّا في محلّ القدرة بها ، فما أوجده على خلاف هذا الوجه يجب كونه متولّدا ، لأنّه لا يصحّ من القادر بقدرة إحداث الفعل إلّا على هذين الوجهين ، ولا شبهة فيما يتعدّى محل السبب أنّ المولّد له هو الاعتماد. وقد دلّ شيخنا أبو هاشم رحمهالله أنّ الاعتماد هو المختصّ بالجهة دون الحركة وغيرها ، فيجب أن يختصّ بتوليد الكون والاعتماد