الخاصّ نوع آخر من التّقدّم سوى الخمسة المشهورة» ، فقد وقع فى سبيل الحقّ وإن اعتراه بعض الكدوح.
<٧> وهم وتزييف
هل بلغك أنّ بعض الإشراقيّة ، من أتباع الرّواقيّة ، يتوهّم فى كتاب المطارحات : أنّ سبق أجزاء الزّمان ، بعضها على بعض ، إنّما هو سبق بالطبع لا غير. ويقلّده فى ذلك بعض المقلّدين (١) ، تشبّثا : بأنّ الحوادث كلّها منتهية إلى الحركة الدّوريّة ؛ فإنّ للحركة علّة حدوث من الحركات. فيتقدّم جزء من الحركة معروض على جزء آخر منها معروض تقدّما بالطبع ؛ فإنّه لو لا الحركة من أإلى ب ، ما صحّ أن يكون الحركة من ب إلى ج ؛ إذ كيف يكون المتحرّك أن يتحرّك ممّا لم يصل إليه ، فكذا امتداد هذه الحركة ، وهو الزّمان الّذي لا يزيد عليها فى الأعيان يتقدّم على مقدار تلك الحركة تقدّما بالطبع ، فعساك أن لا تحسبه إلاّ من الأوهام الزّائفة.
أما تعرّفت أنّ سبق بعض أجزاء الزّمان على بعض إنّما هو من جهة عدم اجتماعهما فى افق التّقضّى والتّجدّد بحيث يتخلل بينهما امتداد أو مبدأ امتداد. والسّبق الذّاتىّ بالطبع إن صحّ فليس من تلك الجهة ، بل إنّما يكون باعتبار التّوقّف ، فهما نوعان مختلفان.
غاية الأمر أنّه يتفق أن يتحقق هناك ذانك النّوعان من جهتين متغايرتين ، كما يحتشد فى العلّة المعدّة أيضا سبقان ، هما سبق بالزّمان من جهة عدم الافتراق وسبق ذاتىّ بالطبع من جهة التّوقّف.
فأجزاء الزّمان الموجودة بوجود وحدانىّ شخصىّ هو وجود الكلّ لو فرض أنّ بينهما تغايرا فى الوجود وتوقّفا ذاتيّا فى فعليّة الوجود ليتحقق سبقا بالطبع بذلك الاعتبار ففيها أيضا نوع آخر من السّبق. وهو الّذي يعتبر فيه عدم الاقتران فى الوجود فى افق التّغيّر ، على أنّ السّبق الذّاتىّ لا يكاد يصحّ هناك ، لا لما يظنّ أنّ
__________________
(١). كشارح التلويحات وقطب التحقيق فى كتاب درّة التاج وفى شرح حكمة الاشراق ، منه ، مدّ ظله العالى.