<١٥> حكمة يمانيّة
المتقدّم والمتأخّر بالماهيّة ، إذا اتّحدا حقيقة ووجودا ، كالشّيء وكلّ من جوهريّاته ، أو بحسب الوقوع فى الأعيان فقط ـ على أن لا يكون فى الأعيان إلاّ نفس ماهيّة المتقدّم فقط ، لا على أن يكون المتأخّر موجودا فى الأعيان بعين وجود المتقدّم ، كالماهيّة والوجود ـ لم يكن للمتقدّم بالماهيّة على ما يتأخّر عنه تأخّرا بالماهيّة تقدّم سرمدىّ أيضا ؛ وذلك باطل.
وأمّا إذا كانا متباينين بالحقيقة وبحسب الكون فى الأعيان جميعا ، كجاعل نفس الماهيّة ، أى : مفيضها ، بالجعل البسيط والماهيّة المجعولة ، فلا محيص من أن يكون للمتقدّم بالماهيّة تقدّم سرمدىّ أيضا على ما يتأخّر عنه بالماهيّة وينقلب سبقه السّرمديّ بعد إفاضة ماهيّة المسبوق وجعله إيّاها إلى المعيّة الدّهريّة وينحفظ سبقه بالماهيّة على شأنه ، فيكون له بالقياس إليها معيّة بالدّهر وسبق بالماهيّة ، وكذلك بالعليّة. وذلك حيث يكون فاعل الماهيّة غير زمانىّ هو وتأثيره ، بل كان فعله نفس الماهيّة فى الأعيان ، لا فى زمانىّ ما أو فى جميع الأزمنة.
<١٦> مرصاد
إنّى انيلك دراية عست أن تجديك فى مقامات كثيرة : التّقدّم والتأخّر بالذّات بحسب التّقرّر والوجود المحمول يتعاكسان بحسب الوجود الرّابط ، لكنّ التّعاكس إنّما يكون باعتبار مطلق القدر المشترك بين الأضرب الثّلاثة ، لا باعتبار خصوصيّات الأنحاء ، أعنى بذلك أنّ المتأخّر عن الشّيء بالذّات فى التقرّر والوجود المحمول ، سواد كان تأخّره بالماهيّة أو بالطبع أو بالعليّة ، فإنّه ينعكس بحسب الوجود الرّابط متقدّما عليه والمتقدّم متأخّرا بالمعلوليّة. ولا يلزم أن ينقلب ما هو العلّة معلولا ، بل إنّما يكون وصف ما يعتبره العقل للمعلول علّة لمفهوم ما إضافىّ عارض للعلّة.
فالجسم ، مثلا ، متقدّم على الحيوان بحسب التّقرّر تقدّما بالماهيّة ومتأخّر عنه