حصول قائم ، كما فى الذّهن ، إذ الطرفان. إلى آخر ما ذكر. فنصّوا على أنّ المنفىّ هو الوجود من حيث يجتمع الطرفان ، كما فى الذهن.
ثم أعلنوا ما بخواتيم القول ؛ فصرّحوا بأنّ الحالة الممتدّة وجودها فى زمان على سبيل وجود الامور فى الماضى. فلو لا أنّهم عنوا ما قلناه كانت كلماتهم فى هذا القول مناقضة.
ومن توهّم الجمع والتّوفيق بأنّ المقصود بهذا الأخير أنّ وجودها فى الخيال على نحو وجود الأشياء فى الماضى ؛ فقد تجشّم ما لا يكاد يستقيم. ألم تسع فطنته أن يتفطن أنّ الوجود فى الزّمان لا على قرار الذّات إنّما يتمّ لو كان الوجود غير قارّ والأجزاء غير محقّقة فى الحدوث والبقاء جميعا. ثمّ كيف يعقل ذلك وصريح ألفاظهم أنّ وجود الحركة المتصلة فى الأعيان كما يكون فى الذّهن على سبيل اجتماع الطرفين والحالة الممتدّة بينهما فى آن واحد ، بل إنّما هو فى الزّمان على سبيل وجود الامور فى الماضى ، فهل يفقه ذو ذهن إنسانىّ من هذا القول أنّه ريم بالوجود فى الزّمان على سبيل وجود الأمر فى الماضى الوجود الذّهنيّ.
وهل سمعت قطّ أن يكون ما أضرب عنه بالنّفى وما صيّر إليه بالإثبات واحدا. وليس متجشّم هذا التّوهّم يسمع قول الشّيخ فى النجاة. فالحركة وجودها فى زمان بين القوّة المحضة والفعل المحض ، وليست من الامور الّتي تحصل بالفعل حصولا قارّا مستكملا وقول تلميذه فى التحصيل ، عند سلب الوجود العينىّ عن الحركة الممتدّة وبأنّ أنّها ليست من الامور الّتي تحصل بالفعل حصولا قارّا مستكملا.
ثمّ أليس شيخهم ومعلّمهم وجمهور رؤسائهم السّالفين لا يشكّ فيهم أنّهم مجمعون على وجود الزّمان الممتدّ الّذي هو مقدار الحركة المتصلة وجودا عينيّا ، ولم يوجد فى كتب المشّائيّة والرّواقيّة ضدّ ذلك ، بل لم يحك عن أحد من الأسلاف والأخلاف إلاّ اتفاق الفلاسفة الرؤساء والنّجباء المحصّلين عليه. فكيف تكون الحركة المتصلة الّتي هى لمحلّ الزّمان الموجود فى الأعيان وعلّته ، والحركات الممتدّة المتقدرة به المنطبقة عليه غير موجودة فى الأعيان.