الأدوار الخالية ؛ لأنّ استحالة نحو ما من العدم لذاته لا تستلزم استحالة طبيعة العدم بالذّات، وإمكان عدم ما من العدمات بالذّات يتحقق معه إمكان طبيعة العدم بالذّات. والزمان ليس يأبى ذاته أن يعدم أزلا وأبدا ، فلا يوجد أصلا. وإن أبى أن يقبل الوجود بعد العدم والعدم بعد الوجود فإنّه لا يخرج بذلك من الممكنات التقرّر (١٣٠) الجائزات الوجود.
وقد قرع سمعك من إسماعاتنا إيّاك أنّ الحقّ ليس يسع إلاّ ما هو أخصّ من ذلك ، فالمستحيل بالنّظر إلى ذات الزّمان بطلانه المتقدّم على تقرّره المتقدم الزّمانىّ والمتأخّر عنه ذلك التّأخّر ؛ إذ يلزم إذ ذاك اقتران تقرّر الشّيء ببطلانه ، لا بطلانه قبل تقرّره قبليّة دهريّة غير متقدّرة أو بعده بعديّة كذلك وإن كان البطلان فى وعاء الدّهر بعد التقرّر فيه بعديّة دهريّة غير متقدّرة ، مستحيلا على كلّ شيء ، لا بالنظر إلى ذوات الأشياء الممكنة ، بل بالنّظر إلى طباع وعاء الدّهر. فما حصل فى وعاء الدّهر لا يرتفع عنه وإن انتهى حصوله فى افق الزّمان. وإنّما المتصوّر فى وعاء الدّهر تقرّر الممكن بعد البطلان فيه ، لا بطلانه فيه مرّة اخرى بعد ذلك التّقرّر.
فهذا لا يختصّ بحقيقة الزّمان ، ولا يكون بالنّظر إلى ذوات الحقائق الجوازيّة والطبائع الإمكانيّة. والّذي يختصّ بحقيقة الزّمان امتناع سبق البطلان على تقرّره والتّقرّر على بطلانه بالنّظر إلى ذاته سبقا زمانيّا متقدّرا لا غير.
<١٣> تقويم وتعيين
إنّ محلّ الزّمان الّذي هو أظهر المقادير إنيّة وأكثرها وأوسعها اتّساعا للمادّيّات وإحاطة بالكليّات ؛ وما يستحصل ويستحفظ به يجب أن يكون أسرع الحركات المستديرة وأظهرها فعليّة. وهى الحركة اليوميّة ، أعنى حركة الجرم الأقصى من المشرق إلى المغرب على منطقة معدّل النّهار الّتي يتحرّك بها جميع السّماويّات وبها يتقوّم الأيّام والسّاعات فى بقاع الأرض وبها تطلع الكواكب الثّابتة والسيّارة وتغرب فى أكثر الآفاق ، وبمقدار ما يقول أحد «واحد» يقطع المتحرك بها خمسة