<٤> استضاآت
(١) من هناك يستقيم أنّ موضوع السّالبة أعمّ من موضوع الموجبة المعدولة أو السّالبة المحمول ، لا بمعنى أنّ موضوع السّالبة يجوز أن يكون معدوما فى الخارج دون موضوع الموجبة؛ إذ موضوع الموجبة أيضا قد يكون معدوما فى الخارج ، كقولنا : جمع الضّدّين محال ؛ أو إنّ موضوع الموجبة يجب أن يتمثّل فى وجود أو ذهن ، دون موضوع السّالبة ، إذ موضوع السّالبة أيضا كذلك.
بل بمعنى أنّ السّلب يصحّ عن الموضوع غير الثّابت إذا اخذ من حيث هو غير ثابت، على معنى أنّ للعقل أن يعتبر هذا فى السّلب ، بخلاف الإثبات ، فإنّه وإن صحّ على الموضوع غير الثّابت ، لكن لا يصحّ عليه من حيث هو غير ثابت ، بل من حيث له ثبوت ما. لأنّ الإثبات يقتضي ثبوت شيء حتّى يثبت له شيء. ولهذا يصحّ أن يقال : المعدوم ليس من حيث هو معدوم بفلان ، ولا يصحّ أنّه من حيث هو معدوم فلان ، بل من حيث له ثبوت فى الذّهن ، ولجواز أنّ نفى كلّ ما هو غير الثّابت عنه من حيث هو غير ثابت ، بخلاف إثبات كلّ ما يغايره عليه من تلك الحيثيّة ، بل إثبات شيء ممّا يغايره عليه من تلك الجهة.
اللّهمّ إلاّ إذا كان أمرا عدميّا أو محالا ؛ فإنّه إذا كان ذلك لم يكن صدق الحكم من حيث خصوص المحمول أيضا مستدعيا لوجود الموضوع ، كما أنّه يستدعيه من حيث الرّبط الإيجابيّ فقط ، بل إنّما يكون استدعاء ذلك من حيث نفس الرّبط الإيجابيّ. قيل : إنّ موضوع السّالبة أعمّ من موضوع الموجبة.
ولغفلة الجمهور عن هذه الحيثيّة ، لدقّتها وغموضها ، يظنّ أنّ العموم إنّما هو لجواز كون موضوع السّالبة معدوما فى الخارج دون الموجبة ، ولا يصحّ إلاّ أن يصار إلى ما جيء بذكره.
فإن أوهم : أنّ موضوع السّالبة (١٤) إن كان أعمّ من موضوع الموجبة المعدولة أو السّالبة المحمول لم يتحقّق التّناقض ، لتباين أفرادهما. وإن لم يكن