نسبة اللّواحق ، فكيف تجعل مصداق حمل الموجود على ذات الممكن نفس ماهيّته ، وهل هى إلاّ شاكلة الماهيّة بالقياس إلى ما يدخل فيها ، على أنّ الوجود بالنّسبة إلى الممكنات لا يكون على شاكلة لوازم الماهيّة أيضا. ثمّ تحصيل سبق الماهيّة على الوجود عسر على القريحة.
فيزاح : بأنّ خلط الذّات والذّاتيّات لا يكون بمقتض أو اقتضاء. أليس النّظر إلى الماهيّة من حيث هى غير ممكن الانسلاخ عن أن يكون بينه لحاظ ذاتيّاتها. وأمّا ما يلحق ، فإمّا من تلقاء مقتض أو باقتضاء من تلقاء جوهر الماهيّة.
فقولنا : «الإنسان إنسان أو حيوان» لا يحوج صدقه إلى الجعل من جهة الخلط وإن أحوج إلى لحاظ تقرّر الموضوع ، فما يستدعيه إنّما هو تقرّر ذات الموضوع. لست أقول : الصّدور عن العلّة ، بل التّقرّر فقط ، حتّى لو أمكن التّقرّر بنفس الذّات من غير علّة لكفى ، على أنّ ذلك أيضا ليس من جهة اقتضاء خصوص الخلط باعتبار خصوصيّة الطرفين ، بل من جهة استدعاء مطلق طبيعة الرّبط الإيجابيّ.
فإذن ، توقّف صدق خصوص الحمل ، فى ذاتيّات الماهيّات بخصوصيّة حاشيتيه ، الموضوع والمحمول ، على مجعوليّة نفس الماهيّة ، وصدورها عن الجاعل إنّما هو بالعرض وعلى سبيل الاتّفاق من جهتين : عدم تقرّر الماهيّة الإمكانيّة بنفسها ومطلق كون الرّبط إيجابيّا ، لا بالذّات من جهة خصوص الخلط وخصوصيّة حاشيتى الحمل.
فلا احتيج : إلى توسيط جعل مؤلّف للخلط بين الطرفين ، ولا إلى اعتبار جعل بسيط للذّات. فالجاعل يفعل ماهيّة الإنسان ، ثمّ هو بنفسه إنسان وحيوان ، لا بجعل مؤلّف أصلا ، ولا بنفس ذلك الجعل البسيط.
وهذا أصل غامض ؛ من لم يرزق الفطنة ولم يكن لقريحته سبيل إلاّ إلى الغفول عنه تخيّل : أنّه تفصّى بأنّ صدق الحمل بنفس جعل الماهيّة لا بجعل مستأنف ؛ فإنّ الجعل يتعلّق أوّلا بنفس الماهيّة ، ثمّ العقل ينتزع منها كونها هى أو بعض ذاتيّاتها (٧) ، ومصداق الحمل نفس جعل الماهية ؛ وزعم أنّ ذلك مذهب الإشراقيّة ، وهو على شفير حفرة الوهن والسّخافة.