المحور الثاني : صحيفة الإمام عليّ عليهالسلام ومدوّناته.
لقد
ورد في أخبار كثيرة ربّما تبلغ حدّ التواتر أنّه كان لدى عليّ عليهالسلام مجموعة ـ بل مجاميع
ـ معتدّ بها من الأحاديث النبوية الشريفة المثبّتة والمدوّنة من قِبله وبخطّ يده
بالسماع المباشر من النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وليس من خلال نقل ناقل ، ولا
بعد سماعها من النبيّ (صلى الله عليه وآله) بفاصل ، ومن الطريف أنّ كتابتها جاءت على
أثر طلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه وبأمر منه ، وقد تمّت بإشرافه
شخصيّاً ورعايته. وقد أمره بالكتابة ، فقد قال له : «اكتب ما اُملي عليك. قال : يا
نبي الله أتخاف عليّ النسيان؟ قال : لست أخاف عليك النسيانوقد دعوت الله أن يحفظك
ولا ينسيك ، ولكن أكتب لشركائك. قال : قلت : ومَن شركائي يا نبي الله؟ قال : الأئمّة
من ولدك ، بهم تسقى اُمتي الغيث ، وبهم يستجاب دعاؤهم ، وبهم يصرف الله عنهم
البلاء ، وبهم تنزل الرحمة من السماء ، وأومأ إلى الحسن وقال : هذا أوّلهم ، وأومأ
إلى الحسين عليهالسلام
وقال : الأئمّة من ولده».
المحور الثالث : خصائص مدوّنات
الإمام عليّ عليهالسلام
العلمية.
إنّنا
إذا أمعنّا النظر في عملية تدوين تلك الأحاديث نجد أنّها قد توفّرت على الخصائص
الفريدة التالية :
١
ـ خصوصية الكاتب ومقامه العلمي الشامخ وحدّة ذكائه واستيعابه لمايسمع ويكتب ؛ إذ
من الواضح أنّ هذه الحيثيّات تؤثّر تأثيراً كبيراً على القيمة الوثائقية للسند ، فلو
كان مدوّن السند قليل الخبرة وغير مهيمن على محتوى السند ارتفع منسوب احتمال الخطأ
في عملية التدوين ، والعكس صحيح ، أي كلّما كان الكاتب واعياً لمضمون ما يكتب
كلّما انخفض
__________________