قال ابن عبّاس : أخذ طينا فجعل منه خفّاشا ، ثمّ نفخ فيه فإذا هو يطير (١).
(وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ)
: أى أجعله بصيرا بعد الكمه ؛ وهو الّذى يولد أعمى (٢).
(وَالْأَبْرَصَ) : وهو الّذى به وضح (٣).
(وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ)
أحيا عازر ، (٤) وكان صديقا له ، ودعا سام (٥) بن نوح من قبره ، فخرج حيّا ، ومرّ عليه بابن عجوز على سرير ميتا ، فدعا الله عيسى ، فنزل عن سريره حيّا ، ورجع إلى أهله ، وبقى وولد له.
(وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ)
قال مجاهد : بما أكلتم البارحة ، وما خبأتم منه (٦).
وقال قتادة : بما تأكلون من المائدة وما تدّخرون منها (٧).
٥٠ ـ وقوله : (وَمُصَدِّقاً) : أى وجئتكم مصدّقا (٨) (لِما بَيْنَ يَدَيَّ [مِنَ التَّوْراةِ])
: أى الكتاب الذى أنزل من قبلى.
__________________
(١) فى (الدر المنثور ٢ : ٣٢) «عن ابن عباس قال : إنما خلق عيسى طيرا واحدا ، وهو الخفاش» وانظر (تفسير القرطبى ٤ : ٩٤) و (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤١٨).
حاشية ج : «لأنه لم يخلق غير الخفاش ، وإنما خص الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا ، [ليكون أبلغ فى القدرة] ؛ لأن لها ثديا وأسنانا وأذنا ، والأنثى تحيض. قال [وهب :] كان يطير ما دام الناس ينظرون [إليه] فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ؛ ليتميز فعل الخالق الحقيقى عن غيره ، وليعلم أن الكمال لله وحده ..» وانظر (تفسير القرطبى ٤ : ٩٤).
(٢) (اللسان ، والصحاح ـ مادة : كمه) و (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٩٣) وهو قول ابن عباس وقتادة والضحاك ، كما فى (تفسير الطبرى ٦ : ٤٢٨) و (تفسير القرطبى ٤ : ٩٤) و (الدر المنثور ٢ : ٣٢) وفى (معانى القرآن للزجاج ١ : ٤١٨) و (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٠٥) بزيادة : والجمع : كمه و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٦) «وهو أشبه ؛ لأنه أبلغ فى المعجزة وأقوى فى التحدى».
(٣) (اللسان ـ مادتى : وضح ، برص) : البرص : داء معروف نسأل الله العافية منه ومن كل داء ـ : وهو بياض يقع فى الجسد. والوضح : بياض غالب فى ألوان الشاء قد فشا فى جميع جسدها ، والجمع أوضاح. وفى التهذيب : فى الصدر والظهر والوجه».
(٤) حاشية ج : «: أى أحيا عيسى عازر». قال الحضرمى : «وعازر : هو الذى اختاره عيسى عليهالسلام : بعين مهملة ، وألف بعدها زاى مفتوحة ، وراء بعدها مهملة» (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة ٧ / و).
(٥) حاشية ج : «وأما سام بن نوح فإن عيسى عليهالسلام جاء إلى قبره ، فدعا باسم الله الأعظم ، فخرج من قبره وقد شاب نصف رأسه ؛ خوفا من قيام الساعة ، ولم يكونوا يشيبون فى ذلك الزمان ، فقال : قد قامت القيامة؟ قال : لا ، ولكن دعوتك باسم الله الأعظم ، ثم قال له : مت. قال : بشرط أن يعيذنى الله من سكرات الموت ، فدعا الله ففعل».
(٦) هذا الأثر ذكره السيوطى عن مجاهد ، كما فى (الدر المنثور ٢ : ٣٥).
(٧) وهو فى (تفسير القرطبى ٤ : ٩٥) «عن قتادة : أخبرهم بما أكلوه من المائدة ، وما ادخروه منها خفية».
(٨) قال الزجاج : نصب (مُصَدِّقاً) على الحال ، كما فى (معانى القرآن للزجاح ١ : ٤١٩) وانظر (تفسير القرطبى ٤ : ٩٦) و (معانى القرآن للفراء ١ : ٢١٦).