منصور ، عن مجاهد قال : أخبرنا أبو عيّاش الزّرقىّ ، قال :
صلّينا مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الظّهر ، فقال المشركون : قد كانوا على حال لو كنّا أصبنا منهم غرّة ، فقالوا : تأتى عليهم صلاة هى أحبّ إليهم من آبائهم ؛ وهى العصر. قال : فنزل جبريل بهؤلاء الآيات بين الأولى والعصر :
(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) وهم بعسفان (١) ، وعلى المشركين خالد بن الوليد ، وذكر الحديث (٢).
قال الزّجّاج : الهاء والميم فى (فِيهِمْ) تعودان على المؤمنين : أى وإذا كنت أيّها النّبىّ مع المؤمنين فى غزواتهم وخوفهم ، (فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) : ابتدأتها ، وإقامة الصّلاة : الابتداء فى تأديتها (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) : أى فلتقف.
يقال : قام الرّجل : إذا وقف ؛ ومنه قوله : (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا)(٣) : أى وقفوا.
قال ابن عبّاس : نصفهم يصلّون معك.
(وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) : وليأخذ الباقون أسلحتهم.
(فَإِذا سَجَدُوا) : أى فإذا سجدت الطّائفة التى قامت معك ، (فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) : أى الّذين أمروا بأخذ السّلاح.
وقوله : (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ)(٤).
قال ابن عبّاس : يريد الذين كانوا من ورائهم ، من لم يكونوا صلّوا فليصلّوا معك.
(وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ)(٥) يريد : الّذين صلّوا أولا.
__________________
(١) عسفان : بضم أوله ، وسكون ثانية ، ثم فاء ، وآخره نون .. قال أبو منصور : عسفان : منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة. انظر (معجم البلدان ٤ : ١٢١).
(٢) فى (أسباب النزول للواحدى ١٧٢) «وهم بيننا وبين القبلة ، وذكر صلاة الخوف» بدل هنا «وذكر الحديث» وراجع فيه : حديث أبى عياش ، وكذا (سنن أبى داود ـ كتاب الصلاة ـ باب صلاة الخوف ٢ : ١٢ ، حديث ١٢٣٦) و (سنن النسائى ـ كتاب صلاة الخوف ٣ : ١٧٧ ، ١٧٨) و (الدر المنثور ٢ : ٦٥٩ ـ ٦٦٠) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٥٤٨).
(٣) سورة البقرة : ٢٠ ، وراجع فيما تقدم (الوسيط للواحدى ١ : ٥٣).
(٤) قال الواحدى : يعنى الذين كانوا من ورائهم يحرسونهم. (الوجيز للواحدى ١ : ١٧٠).
(٥) حاشية ج : «والحذر : ما يتقى به من العدو كالسلاح».