الحسن والسّدّىّ وابن جريج والضّحاك (فَمِنْ نَفْسِكَ) فبذنبك ، وهذا كقوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)(١).
و «الحسنة» تكون بمعنى الخصب ، و «السّيّئة» بمعنى (٢) الجدب.
قال الله تعالى : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(٣) يعنى : الخصب والجدب.
ولا تعلّق للقدريّة (٤) بهذه الآية (٥) ؛ لأنّ الحسنة والسّيّئة المذكورتين ـ هاهنا ـ لا ترجعان إلى الطّاعة والمعصية ، واكتساب العباد بحال ؛ لأنّ الحسنة التى يراد بها الخير والطّاعة لا يقال فيها أصابتنى (٦) ، وإنّما يقال : أصبتها (٧) ؛ وليس فى كلام العرب : أصابت فلانا حسنة ، على معنى : عمل خيرا ، وكذلك أصابته سيّئة على معنى : عمل معصية ، غير موجود فى كلامهم.
إنّما يقولون : أصاب سيّئة (٨) ؛ إذا عملها واكتسبها.
قوله (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً).
قال ابن عبّاس : يريد أنّك قد بلّغت رسالاتى.
(وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) لك على ما بلّغت من رسالات ربّك.
٨٠ ـ قوله جلّ جلاله : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ).
قال ابن عبّاس : يريد أنّ طاعتكم لمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ طاعة لله.
وقال الحسن : جعل الله طاعة رسوله طاعته ، وقامت به الحجّة على المسلمين.
__________________
(١) سورة الشورى : ٣٠. انظر (تفسير ابن كثير ٢ : ٣١٨) و (الدر المنثور ٣ : ٥٩٧).
(٢) أ ، ب : «تكون بمعنى».
(٣) سورة الأعراف : ١٦٨.
(٤) حاشية ج : «القدرية المعتزلة : وهم قوم يقولون أفعال العباد توجد بإيجادهم ، وهذا خلاف مذهب الأشاعرة. قال المصنف : فإن تمسك المعتزلة على مذهبهم بهذه الآية فإن قوله تعالى : (فَمِنْ نَفْسِكَ) يدل عليه لا يتم استدلالهم بهذه الآية».
(٥) حاشية ج : «هذا إشارة إلى جواب فعل مقدر ؛ وهو أنه يجوز أن يتعلق أهل القدرية بظاهر هذه الآية ، فقالوا : نفى الله السيئة عن نفسه ، ونسبها إلى العبد ، فقال الله تعالى : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ). قال المصنف فى الجواب : ولا تعلق للقدرية .. إلى آخره» انظر ما ذكره القرطبى وأبو حيان فى الرد على القدرية والمعتزلة فى (تفسير القرطبى ٥ : ٢٨٧) و (البحر المحيط ٣ : ٣٠١ ـ ٣٠٢).
(٦) حاشية ج : «أى لا يقال : أصابتنى طاعة».
(٧) حاشية ج : «بأن تكون الحسنة منصوبة».
(٨) حاشية ج : «بالنصب».