وقوله : (فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً).
قال مقاتل : آخذ نصيبا وافرا (١) ؛ وإنّما قال هذا حرصا على الدّنيا ، وميلا إليها ، لا رغبة فى الثّواب.
ولمّا ذمّ الله تعالى المنافق بالاحتباس عن الجهاد أمر المؤمنين بالقتال.
٧٤ ـ فقال سبحانه : (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ).
: أى يبيعون. يقال : شريت بمعنى : بعت.
والمعنى : أنّهم يختارون الجنّة على البقاء فى الدّنيا ، فيجاهدون طلبا للشّهادة فى سبيل الله.
(وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ) شهيدا (أَوْ يَغْلِبْ) فيظفر ويقتل هو ، فكلاهما سواء فى الثّواب ؛ وهو قوله : (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً).
قال ابن عبّاس : ثوابا لا صفة له.
٧٥ ـ قوله جلّ جلاله : (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ).
قال المفسّرون : هذا حضّ (٢) من الله تعالى على الجهاد فى سبيله ؛ لاستنقاذ [ضعفة](٣) المؤمنين من أيدى المشركين. والمعنى : لا عذر لكم فى ترك القتال فى سبيل الله.
(وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ).
قال ابن عبّاس : يريد قوما بمكّة قد استضعفوا فحبسوا وعذّبوا ، قال : وكنت أنا وأمّى من المستضعفين (٤) ـ ولم تكن لهم قوّة يمتنعون بها من المشركين ، ولم يقدروا أن يهاجروا إلى المدينة ، فكانوا يدعون الله و (يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا) إلى المدينة دار الهجرة (مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ) يعنى : مكّة (الظَّالِمِ أَهْلُها) يريد :
جعلوا لله شركاء.
__________________
(١) قال مقاتل : يعنى أخذ من الغنيمة نصيبا مفروضا. (الدر المنثور ٢ : ٢٩٧).
(٢) حاشية ج : «الحث والحض مترادفان».
(٣) ما بين الحاصرتين تكملة عن (الوجيز للواحدى ١ : ١٦٠) وانظر (تفسير القرطبى ٥ : ٢٧٩) و (البحر المحيط ٣ : ٢٩٥).
(٤) الأثر أخرجه البخارى ـ عن ابن عباس ـ فى (صحيحه ـ كتاب التفسير ـ من سورة النساء ٣ : ١٢١) وانظر (الدر المنثور ٢ : ٥٩٣) و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٧٩) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣١٤).