وهذا (صريح) (١) فى أنّ المعصية مخلوقة لله ؛ حيث أضاف انهزامهم إلى نفسه ، فقال : (صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ) ولم يقل انصرفتم.
قوله : (لِيَبْتَلِيَكُمْ)
: أى ليختبركم بما جعل عليكم من الدّبرة (٢) والهزيمة ، فيتبيّن الصابر من الجازع ، والمخلص من المنافق.
(وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ) ذنبكم بعصيان الرّسول والانهزام.
(وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)
قال ابن عبّاس : يريد بالمغفرة.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الصّوفىّ ، (أخبرنا) (٣) إسماعيل بن نجيد ، أخبرنا محمد بن (الحسن) (٤) بن الخليل ، حدّثنا هشام بن عمّار ، حدّثنا عبد العزيز بن أبى حازم ، عن أبيه ، عن سهل بن سعد قال :
جرح رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يوم أحد ، وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة (٥) على رأسه ، وكانت فاطمة بنته تغسل الدّم عنه ، وعلىّ بن أبى طالب يسكب عليها الماء بالمجنّ ، فلمّا رأت فاطمة أنّ الماء (لا يزيد) (٦) الدّم إلّا كثرة ، أخذت قطعة حصير فأحرقته ، حتّى إذا صار رمادا ألزقته الجرح (٧) فاستمسك الدّم (٨).
__________________
(١) ب : «تصريح» ، وانظر ما جاء بعده فى (تفسير القرطبى ٤ : ٢٣٧) و (تفسير البحر المحيط ٢ : ٧٩).
(٢) قال الحضرمى : «الدبرة : بدال مهملة ، وباء معجمة بواحدة من تحت ، وفى نسخة أخرى «بما جعل عليكم من الدائرة والهزيمة» ، ومعناهما متقارب» (عمدة القوى والضعيف الورقة ٧ / ظ) وفى (اللسان ـ مادة : دبر) «الدبرة : نقيض الدولة ، والدولة فى الخير والدبرة فى الشر».
(٣) المثبت عن أ ، ج.
(٤) ب : «الحسين» (تحريف).
(٥) هشمت البيضة : أى كسر ما يلبس تحت المغفر فى الرأس ، البيضة : الخوذة تلبس فى الحرب. (هامش صحيح مسلم ٤ : ٤٣٢).
(٦) ب : «لا يزيل» (تحريف).
(٧) الزقته الجرح : أى الرماد بالجرح ، فاستمسك الجرح : أى انقطع (اللؤلؤ والمرجان ٢ : ٢٢٥).
(٨) أخرجه البخارى ـ عن سهل بن سعد ـ رضى الله عنه ـ بلفظ قريب ـ فى (صحيحه ـ كتاب الجهاد ـ باب لبس البيضة ٢ : ١٥٥ ، كتاب المغازى ـ باب حدثنا قتيبة بن سعيد ٣ : ٢٦) ، وانظر (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ، كتاب الجهاد ، باب غزوة أحد ٢ : ٢٢٥ حديث ١١٦٩).