وقوله : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) يعنى : يمسك الرّزق عمن يشاء ويضيّق عليه ؛ ويوسّع على من يشاء. ([وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ].)
٢٤٦ ـ قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ)
(الْمَلَإِ) : الأشراف من الناس ؛ وهو اسم للجماعة ، كالقوم والرّهط.
(مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ) وهو : شمويل (١) ؛ وذلك أنّ الأحداث كثرت فى بنى إسرائيل ، وعظمت فيهم الخطايا ، وغلب عليهم عدوّ لهم ، فسبوا كثيرا من ذراريهم ، فسألوا نبيّهم ملكا يجتمع (٢) به أمرهم ، وتستقيم به حالهم فى جهاد عدوّهم (٣) ؛ وهو قوله : (ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) ف (قالَ) لهم ذلك النبىّ : (هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا) فى سبيل الله. يقول لعلكم أن تجبنوا عن القتال.
وقرأ نافع : (عسيتم) ـ بكسر السّين ـ وهى لغة. يقال : عسى ـ بكسر السّين (٤).
([قالُوا] :) فقال الملأ لذلك النّبىّ : (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ) أى : أىّ شىء لنا فى ترك القتال ؛ (وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا)(٥) أى : بالسّبى والقهر على نواحينا.
والمعنى : أنّهم أجابوا نبيّهم بأن قالوا : إنا كنّا نزهد فى الجهاد ؛ إذ كنّا (٦) ممنوعين فى بلادنا لا يظهر علينا عدوّنا ، فأمّا إذ بلغ الأمر هذا فلا بدّ من الجهاد.
قال الله تعالى : (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ :) فرض عليهم الجهاد (تَوَلَّوْا) :
__________________
(١) وهو شمويل بن بالى بن علقمة بن يرخام ، على ما جاء فى (تفسير ابن كثير ١ : ٤٤٣) و (البحر المحيط ٢ : ٢٥٤) وفى (تفسير الطبرى ٥ : ٢٩٣) «شمؤل».
(٢) أ : «يجمع».
(٣) كما نقل عن وهب والكلبى. انظر (تفسير الفخر الرازى ٢ : ٣٠١ ـ ٣٠٢).
(٤) وقرأ الباقون بالفتح وهو الأصل ؛ للإجماع عليه فى «عسى» ، كما فى (إتحاف فضلاء البشر ١٦٠) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٠٢).
(٥) حاشية ج ، و (الوجيز للواحدى ١ : ٦٩) أى : أفردنا من أبنائنا».
(٦) ب : «إنما كنا ... إذا ممنوعين». حاشية ج : «قوله : ممنوعين ، أى : لا يتعرضنا أحد».