أمّا «كفر الإنكار» : فهو أن يكفر بقلبه ولسانه ، ولا يعرف ما يذكر له من التّوحيد.
و «كفر الجحود» : أن يعرف بقلبه ، ولا يعترف (١) بلسانه ، ككفر إبليس ، وكفر أمية بن أبى الصّلت ؛ ومنه قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ)(٢) يعنى : كفر الجحود.
وأمّا «كفر المعاندة» : فهو أن يعرف بقلبه ويقرّ بلسانه ، ولا يقبل ولا يدين به (٣) ككفر أبى طالب ؛ حيث يقول (٤) :
ولقد علمت بأنّ دين محمد |
|
من خير أديان البريّة دينا |
لو لا الملامة أو حذار مسبّة |
|
لوجدتنى سمحا بذاك مبينا (٥) |
وأمّا «كفر النّفاق» : فإن يقرّ بلسانه ، ويكفر بقلبه.
وقوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ) أى : معتدل ومتساو عندهم (أَأَنْذَرْتَهُمْ :) أأعلمتهم وخوّفتهم.
و «الإنذار» : إعلام (٦) مع تخويف ، فكلّ منذر معلم ، وليس كلّ معلم منذرا. يقال : أنذرته فنذر ؛ أى علم بموضع الخوف.
قال الوالبىّ عن ابن عباس ـ فى هذه الآية ـ : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يحرص أن يؤمن جميع الناس ، ويتابعوه على الهدى ، فأخبره الله تعالى : أنّه لا يؤمن إلّا من سبق له من الله السّعادة فى الذّكر الأوّل ، ولا يضلّ إلا من سبق له من الله تعالى الشقاء فى الذّكر الأوّل (٧).
__________________
(١) أ ، ب : «ولا يقر» وهما قريبان. انظر (اللسان ـ مادة : كفر).
(٢) سورة البقرة : ٨٩.
(٣) أ ، ب : «ولا يقبله ولا يتدين به».
(٤) انظر (اللسان ـ مادة : كفر).
(٥) حاشية ج : «قوله : بذاك ، أى : بإيمان بمحمد عليهالسلام ، أو بذاك الدين».
(٦) أ : «الإعلام».
(٧) حاشية ج : «قوله : فى الذكر الأول ؛ وهو العلم الأزلى القائم بذات الله تعالى». انظر (تفسير الطبرى ١ : ٢٥٢) (فتح البارى ١ : ٢٨).