قال عامة أهل التّفسير : كان أهل الجاهلية وفى أوّل الإسلام إذا أحرم الرجل منهم نقب فى بيته نقبا من مؤخّره يخرج منه ويدخل ؛ فأعلمهم الله أنّ ذلك ليس ببر ، (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) أى : برّ من اتّقى مخالفة الله.
وأمرهم بترك سنّة الجاهليّة فقال : (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها)(١).
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، حدّثنا (٢) أبو خليفة الجمحىّ ، حدّثنا الوليد ، والحوضىّ (٣) قالا : حدّثنا شعبة «قال» (٤) : أنبأنا أبو إسحاق قال : سمعت البراء [بن عازب](٥) يقول :
كانت الأنصار إذا حجّوا ، فجاءوا لا يدخلون من أبواب بيوتهم ولكن من ظهورها ، فجاء رجل فدخل من قبل بابه ، فكأنّه عيّر بذلك (٦) ، فنزلت هذه الآية : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها). رواه البخارىّ عن أبى الوليد ؛ ورواه مسلم عن بندار ، عن غندر ، عن شعبة (٧).
واختلفوا فى (الْبُيُوتَ) وأخواتها (٨) ، فقرءوا (٩) : بضمّ أوّلها وكسره (١٠) ، فمن ضمّ
__________________
(١) جاء هذا المعنى مطولا فى (أسباب النزول للواحدى ٤٩) و (تفسير الطبرى ٣ : ٥٥٦ ـ ٥٦٠) و (تفسير ابن كثير ١ : ٣٢٦ ـ ٣٢٧) و (البحر المحيط ٢ : ٦٢ ـ ٦٣) و (معانى القرآن للفراء ١ : ١١٥ ـ ١١٦) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٢٥١).
(٢) أ : «أخبرنا».
(٣) الحوضى : هو حفص بن عمر النمرى ، توفى سنة ٢٢٥ هجرية. راجع (تهذيب التهذيب ٢ : ٤٠٥).
(٤) الإثبات عن أ.
(٥) ما بين الحاصرتين إضافة عن (أسباب النزول للواحدى ٤٨).
(٦) حاشية ج : «أى : بدخوله من قبل بابه ، أى : من جانب بابه».
(٧) انظر (صحيح البخارى ، كتاب التفسير ٣ : ١٠٤) و (صحيح مسلم ٨ : ٢٤٣) و (أسباب النزول للواحدى ٤٨) و (تفسير القرطبى ٢ : ٢٤٦).
(٨) حاشية ج : «نحو سيول وسيوف».
(٩) أ : «فقرءوه».
(١٠) «قرأ قالون وابن كثير وابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائى وكذا خلف ـ بكسر باء «بيوت والبيوت» حيث جاءا طلبا للتخفيف ، وافقهم الأعمش ، وضمها ورش وأبو عمر وحفص وأبو جعفر ويعقوب على الأصل ، ككعب وكعوب ، وافقهم ابن محيصن واليزيدى» (إتحاف فضلاء البشر ١٥٥) وانظر (البحر المحيط ٢ : ٦٤) و (الفخر الرازى ٢ : ١٥٢).