١٦٨ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً)
قال ابن عباس فى رواية أبى صالح : نزلت فى الّذين حرّموا على أنفسهم السّوائب والوصائل والبحائر (١). وقال فى رواية عطاء : يعنى المؤمنين خاصّة.
ومعنى «الحلال» : المباح الذى انحلّت عقدة الحظر (٢) عنه. يقال : حلّ الشّىء يحلّ حلالا وحلّا.
والأصل فى «الطّيّب» : هو ما يستلذ به ويستطاب ، ويوصف به الطّاهر والحلال على جهة التّشبيه (٣) ؛ لأنّ النّجس تكرهه النّفس فلا يستلذّ.
والحرام ـ أيضا ـ غير مستلذّ ؛ لأنّ الشّرع يزجر عنه.
ولمّا وصف الحلال بالطيّب وصف الحرام بأنّه خبيث ؛ قال الله تعالى : (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ)(٤).
وأراد ب «الحلال الطيّب» : ما أحلّ (٥) الله أكله ممّا حرّمه المشركون على أنفسهم من الزّرع والأنعام ؛ وهو قوله عزوجل : (وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ)(٦) الآية.
وقال ابن عباس فى رواية عطاء : يريد. قد غنّمتكم (٧) مال أعدائكم. وعلى هذا القول عنى ب «الحلال الطيّب» : الغنيمة.
وقال الزّجاج : الأجود أن يكون المعنى : من حيث يطيب لكم ؛ أى : لا تأكلوا من الوجه الذى يحرم.
وقوله : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ)
هى جمع : «خطوة» ؛ وهى ما بين القدمين (٨). يقال : خطوت خطوة ، مثل
__________________
(١) على ما جاء فى (أسباب النزول للواحدى ٤٣ ـ ٤٤). وانظر معنى «السوائب والوصائل والبحائر» فيما يأتى عند تفسير الآية ١٠٣ من سورة المائدة من الجزء الثانى من هذا الكتاب.
(٢) «الحظر : الحرمة» (اللسان ـ مادة : حظر).
(٣) ب : «التشبه». حاشية ج : «أى : يشبه الطاهر والحلال بالطيب»
(٤) سورة المائدة / ١٠٠.
(٥) أ ، ب : «ما حل».
(٦) سورة الأنعام / ١٣٠.
(٧) ب : «قد أعطيتكم».
(٨) كما فى (اللسان ـ مادة : خطا) و (البحر المحيط ١ : ٣٧٩)