وجه الكلام استئناف «إنّ» ، وجواب «لو» تقديره ـ هاهنا ـ : ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب لعجبت أو لرأيت أمرا عظيما ، ثم تستأنف (أَنَّ الْقُوَّةَ).
وقرأ ابن عامر : (يرون) ـ بضمّ الياء (١) ـ ؛ وحجّته قوله : (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ)(٢)
١٦٦ ـ قوله : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا) العامل فى (إِذْ) معنى (شَدِيدُ)(٣). من قوله : (وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ إِذْ تَبَرَّأَ). كأنه قيل وقت تبرّئ الّذين اتّبعوا ، يعنى المتبوعين فى الشّرك والشّرّ (مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) يعنى : السّفلة والأتباع (وَرَأَوُا الْعَذابَ :) عاينوا جهنّم.
وقوله : (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ)
«الباء» ـ هاهنا ـ بمعنى «عن» (٤) كقوله تعالى : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً)(٥) ؛ أى عنه (٦). و «الأسباب» معناها فى اللّغة : الحبال. ثم قيل : لكلّ شىء وصلت به إلى موضع ، أو حاجة تريدها : سبب. ويقال للطّريق (٧) : سبب ؛ لأنّه بسلوكه تصل إلى الموضع الذى تريده. قال الله تعالى : (فَأَتْبَعَ سَبَباً)(٨) أى : طريقا.
و (أَسْبابَ السَّماواتِ)(٩) : أبوابها ؛ لأنّ الوصول إليها يكون بدخولها. و «المودّة بين القوم» : تسمّى سببا ؛ لأنّهم بها يتواصلون. ومنه قول لبيد :
__________________
(١) «على البناء للمفعول. والباقون بفتحها على البناء للفاعل ..» (إتحاف البشر ١٥١).
(٢) سورة البقرة : ١٦٧.
(٣) حاشية ج : «لأن هذه الآية متصلة بما قبلها ؛ لأن المعنى : وإن الله شديد ـ حين تبرؤ المتبوعين فى الشرك والشر من أتباعهم السفلة عند رؤيته ، يقولون : لم ندعكم إلى الضلالة ، وإلى ما كنتم عليه».
(٤) «أى : عنهم الأسباب» (الوجيز للواحدى ١ : ٤٣).
(٥) سورة الفرقان : ٥٩.
(٦) هذا المعنى نقله الفخر الرازى ، ثم قال : قال علقمة بن عبدة :
فإن تسألونى بالنساء فإننى |
|
بصير بأدواء النساء طبيب |
أى : عن النساء» (تفسير الفخر الرازى ٢ : ٧٨).
(٧) ب : «الطريق».
(٨) سورة الكهف : ٨٥.
(٩) سورة غافر : ٣٧.