«السياق فى تاريخ نيسابور» وقال عنه (١) : إنه أنفق صباه ، وأيام شبابه فى التحصيل ، وإتقان الأصول على أئمتها ، والرحلة فى طلب المزيد من المعرفة ، حتى صار أستاذ عصره ، وواحد دهره ، وانقطع إلى التدريس والإملاء عدّة سنين ، حتى أصابه مرض طويل أسلمه إلى الموت فى جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وأربعمائة من الهجرة بنيسابور ، وكان من أبناء السبعين.
ثم يذكر عبد الغافر الفارسى وغيره : أنّ الواحدى كان يحظى بالإعظام والإكرام من الوزير نظام الملك (٤٠٨ ـ ٤٨٥ ه) ، وليس ذلك غريبا ، فقد كان نظام الملك أديبا شاعرا مشاركا للعلوم محبّا لها ؛ ولم يشغله تدبير السياسة عن تقدير العلم بل رأى أن أمانة الوزارة لا تؤدّى كاملة إلّا إذا قدر العلم حقّ قدره ، وعمل على نشره ، ورفع من مكانة أهله ، فأكثر لذلك من إنشاء المدارس ، وقدّر المعاليم لطلبتها ، وانتقى مدرسيها ، وأدنى العلماء من مجلسه ، وبالغ فى إكرامهم مدة وزارته التى دامت ثلاثين عاما.
وقد سمع نظام الملك الحديث وأسمعه ؛ وكان يقول : إنّى أعلم أنّى لست أهلا لذلك ، ولكنّى أريد ربط نفسى فى قطار النقلة لحديث رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم.
وكان يعتقد فى الصّوفية ، ويقرّبهم إليه ، ويكثر من الإنعام عليهم ، ابتغاء الظفر بما لهم من أحوال الكشف.
وقد جرى أبو القاسم أخو نظام الملك على سننه فى لحظ الواحدى بين الإعزاز والإكرام ؛ لأنه كان كذلك من العلماء ؛ وقد مات سنة ٤٩٩ ه عن ثمانين سنة.
وقد علل عبد الغافر الفارسى إعظام نظام الملك للواحدى بأنه «كان حقيقا بالاحترام. لو لا ما كان فيه : من إزرائه على الأئمة المتقدمين ، وبسط اللسان فيهم بما لا يليق بماضيهم» (٢).
__________________
(١) معجم الأدباء ٢ : ٢٥٨) و (مقدمة أسباب النزول للواحدى ٥).
(٢) انظر (معجم الأدباء ١٢ : ٢٥٨) و (أسباب النزول للواحدى ـ مقدمة الأستاذ ـ سيد صقر).