ويورد الواحدى تأويل قوله تعالى : (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) حديثا مرفوعا عن النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «هو جزاؤه إن جازاه».
ويروى «عن ابن عباس فى قوله : (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) قال : هى جزاؤه فإن شاء عذبه وإن شاء غفر له». ثم يقول بعد ذلك : «والأصل فى هذا أن الله تعالى يجوز أن يخلف الوعيد ؛ وإن كان لا يجوز أن يخلف الوعد. ثم يورد بسنده عن أنس بن مالك أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «من وعده الله على عمله ثوابا فهو منجز له ، ومن أوعده على عمله عقابا فهو بالخيار» ؛ كما يذكر الواحدى بسنده عن عمرو بن العلاء ما يؤيد مذهب أهل السنة ، ثم قال الواحدى معقبا عليه : والذى ذكره أبو عمرو بن العلاء مذهب الكرام ، ومستحسن عند كل أحد خلف الوعيد. قال السرى الموصلى :
إذا وعد السّرّاء أنجز وعده |
|
وإن وعد الضّرّاء فالعفو مانعه |
وأحسن يحيى بن معاذ فى هذا الفصل حيث قال : الوعد والوعيد حقّ ، فالوعد حقّ العباد على الله ضمن لهم إذا فعلوا كذا أن يعطيهم كذا ؛ ومن أولى بالوفاء من الله تعالى ، والوعيد حقّه على العباد ؛ قال : لا تفعلوا كذا فأعذبكم ففعلوا ؛ فإن شاء عفا ، وإن شاء أخذ ؛ لأنه حقه ، وأولاهما بربنا العفو والكرم إنه غفور رحيم.
وقد أفضت الأمثلة فى ذلك حتى يتضح للقارئ أن الإمام أبى الحسن الواحدى كان سنيا أشعريا ، كما ذكرنا سابقا فى صدر هذه المقدمة ، كما أن الإمام الواحدى كان شافعى المذهب ، ويستطيع القارئ لهذا التفسير أن يلمس ذلك عند تصفحه لهذا الكتاب.
وصفوة القول أن كتاب «الوسيط» هذا جمع بين مزايا البسيط والوجيز فأتى به على النمط الأوسط والقصد الأقوم ، وأعفاه صاحبه من التطويل والإكثار ، وأسلمه من خلل الوجازة والاختصار ، لا إقلال ، ولا إملال».
***