أقسم بهذه الأسماء إن هذا الكتاب هو الموعود لكم يوم الميثاق. والإشارة فيه أنا حققنا لكم الميعاد ، وأطلنا لكم عنان الوداد ... وانقضى زمان الميعاد ، فالعصاة ملقاة ، والأيام بالسرور متلقّاة ، فبادروا إلى شرب كاسات المحابّ ، واستقيموا على نهج الأحباب.
قوله جل ذكره : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ)
تعجبوا من ثلاثة أشياء : من جواز البعث بعد الموت ، ومن إرسال الرسل إلى الخلق ، ثم من تخصيص محمد صلىاللهعليهوسلم بالرسالة من بين الخلق. ولو عرفوا كمال ملكه لم ينكروا جواز البعث ، ولو علموا كمال ملكه لم يجحدوا إرسال الرّسل إلى الخلق ، ولو عرفوا أنّ له أن يفعل ما يريد لم يتعجبوا من تخصيص محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالنبوة من بين الخلق ، ولكن سدّت بصائرهم فتاهوا فى أودية الحيرة ، وعثروا ـ من الضلالة ـ فى كل وهدة. وكان الأستاذ أبو على الدّقاق ـ رحمهالله ـ. يقول : جوّزوا أن يكون المنحوت من الخشب والمعمول من الصخر (١) إلها معبودا ، وتعجبوا أن يكون مثل محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى جلالة قدره رسولا ..!! هذا هو الضلال البعيد.
قوله جلّ ذكره : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
وهو ما قدّموه لأنفسهم من طاعات أخلصوا فيها ، وفنون عبادات صدقوا فى القيام بقضائها.
ويقال هو ما قدّم الحقّ لهم يوم القيامة من مقتضى العناية بشأنهم ، وما حكم لهم من فنون إحسانه بهم ، وصنوف ما أفردهم به من امتنانهم.
ويقال : (قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : هو ما رفعوه من أقدامهم فى بدايتهم فى زمان
__________________
(١) وردت (الصفر) بالفاء وهى خطأ فى النسخ.