لو اشتغل الكلّ
بالتّفقّه فى الدّين لتعطّل عليهم المعاش ، ولبقى الكافة عن درك ذلك المطلوب ،
فجعل ذلك فرضا على الكفاية.
ويقال جعل
المسلمين على مراتب : فعوامّهم كالرعية للملك ، وكتبة الحديث كخزّان الملك ، وأهل القرآن كحفّاظ
الدفاتر ونفائس الأموال ، والفقهاء بمنزلة الوكلاء للملك إذ الفقيه (...) عن الله ، وعلماء الأصول كالقوّاد وأمراء الجيوش ،
والأولياء كأركان الباب ، وأرباب القلوب وأصحاب الصفاء كخواص الملك وجلسائه.
فيشتغل قوم
يحفظ أركان الشرع ، وآخرون بإمضاء الأحكام ، وآخرون بالرّد على المخالفين ، وآخرون
بالأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، وقوم مفردون بحضور القلب وهم أصحاب الشهود ،
وليس لهم شغل ، يراعون مع الله أنفاسهم وهم أصحاب الفراغ ، لا يستفزّهم طلب ولا
يهزّهم أرب ، فهم بالله لله ، وهم محو عما سوى الله .
وأمّا الذين
يتفقهون فى الدّين فهم الداعون إلى الله ، وإنما يفهم الخلق عن الله من كان يفهم
عن الله.
قوله جل ذكره :
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا
فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣))
اقرب الأعداء
إلى المسلم من الكفار ، الذي يجب عليه منازعته هو أعدى عدوّه
__________________