إنّ الله ـ سبحانه ـ خصّ نبينا صلىاللهعليهوسلم بأن فضّله على الكافة ، وأرسله إلى الجملة ، وبالا ينسخ شرعه إلى الأبد. وبهذه الآية أدّبه بأدقّ إشارة ، حيث قال : (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) وهذا كما قال : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) (١).
وقصد الحقّ أن يكون خواصّ عباده أبدا معصومين عن شواهدهم.
وفى القصة أن موسى عليهالسلام تبرّم وقتا بكثرة ما كان يسأل ، فأوحى الله فى ليلة واحدة إلى ألف نبى من بنى إسرائيل فأصبحوا رسلا ، وتفرّق الناس عن موسى عليهالسلام إليهم عليهمالسلام ، فضاق قلب موسى وقال : يا رب ، إنى لا أطيق ذلك! فقبض الله أرواحهم فى ذلك اليوم.
قوله جل ذكره : (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً (٥٢))
أي كن قائما بحقّنا من غير أن يكون منك جنوح إلى غيرنا أو مبالاة بمن سوانا ، فإنّا نعصمك بكلّ ، وجه ، ولا نرفع عنك ظلّ عنايتنا بحال.
قوله جل ذكره : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣))
البحر الملح لا عذوبة فيه ، والعذب لا ملوحة فيه ، وهما فى الجوهرية واحد ، ولكنه سبحانه ـ بقدرته ـ غاير بينهما فى الصفة ، كذلك خلق القلوب ؛ بعضها معدن اليقين والعرفان ؛ وبعضها محلّ الشكّ والكفران.
ويقال أثبت فى قلوب المؤمنين الخوف والرجاء ، فلا الخوف يغلب الرجاء ، ولا الرجاء يغلب الخوف.
__________________
(١) آية ٨٦ سورة الإسراء.