إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

لطائف الإشارات [ ج ٢ ]

584/655
*

قوله جل ذكره : (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩))

الابتداء للحادثات من الله بدعا ، والانتهاء إليه عودا ، والتوحيد ينتظم هذه المعاني ؛ فتعرف أنّ الحادثات بالله ظهورا ، ولله ملكا ، ومن الله ابتداء ، وإلى الله انتهاء.

قوله جل ذكره : (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠))

يحيى النفوس ويميتها والمعنى فى ذلك معلوم ، وكذلك يحيى القلوب ويميتها ؛ فموت القلب بالكفر والجحد ، وحياة القلب بالإيمان والتوحيد ، وكما أنّ للقلوب حياة وموتا فكذلك للأوقات موت وحياة ، فحياة الأوقات بيمن إقباله ، وموت الأوقات بمحنة إعراضه ، وفى معناه أنشدوا :

أموت إذا ذكرتك ثم أحيا

فكم أحيا عليك وكم أموت

قوله : (وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ؛ فليس كلّ اختلافها فى ضيائها وظلمتها ، وطولها وقصرها ، بل ليالى المحبين تختلف فى الطول والقصر ، وفى الروح والنوح ؛ فمن الليالى ما هو أضوأ من اللآلى ، ومن النهار ما هو أشدّ من الحنادس ، يقول قائلهم : ليالىّ بعد الظاعنين شكول.

ويقول قائلهم :

وكم لظلام الليل عندى من

تخبّر أنّ المانوية تكذّب

وقريب من هذا المعنى قالوا :

ليالى وصال قد مضين كأنّها

لآلى عقود فى نحور الكواعب

وأيام هجر أعقبتها كأنّها

بياض مشيب فى سواد الذوائب