قوله : (وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ
وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) : لو لا غفلتهم عن مواضع الحقيقة لما خوّفهم بكتابة
الملك ، ولكن غفلوا عن شهود الحق فخوّفهم باطلاع الملائكة ، وكتابتهم عليهم
أعمالهم.
قوله جل ذكره :
(بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي
غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (٦٣))
لا يصلح لهذا
الشأن إلا من كان فارغا من جميع الأعمال ، لا شغل له فى الدنيا والآخرة ، فأمّا
من له شغل بدنياه ، أو على قلبه حديث عقباه ، فليس له نصيب من حديث مولاه ، وفى
الخبر «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ».
ويقال أصحاب
الدنيا مشغولون بدنياهم ، وأرباب العقبى مشغولون بعقباهم ، وأهل النار مشغولون بما
ينالهم من بلواهم ؛ وإن الذي له فى الدنيا والآخرة غير مولاه ـ حين الفراغ ـ عزيز
؛ قال تعالى : (إِنَّ أَصْحابَ
الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) .
قوله جل ذكره :
(حَتَّى إِذا أَخَذْنا
مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤))
إنه ـ سبحانه ـ
يمهل ولكنّه لا يهمل ؛ فإذا أخذ فبطشه شديد ، قال تعالى : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) ... فإذا أخذ أصحاب الكبائر ـ حين يحل بهم الانتقام ـ فى
الجواب ردّوا في الهوان ، ويقال لهم :
(لا تَجْأَرُوا
الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥))
فإذا انفصل من
الغيب حكم فلا مردّ لتقديره.
__________________