فيه منها بحكم الجوار ، وكذلك الصفاء يوجد أكثره من عين الكدورة ؛ إذ الحقيقة لا يتعلق بها حقّ ولا باطل. ومن أشرف على (سرّ) (١) التوحيد تحقّق بأنّ ظهور جميع الحدثان من التقدير ، فتسقط عنه كلفة التمييز ، فالأسرار عند ذلك تصفو ، والوقت لصاحبه لا يجفو.
(وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) : لازمة لكم ، ومتعدية منكم إلى كلّ متصل بكم :
إنّي ـ على جفواتها ـ بربّها |
|
وبكلّ متّصل بها متوسّل |
قوله جل ذكره : (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢))
يحفظهم فى السفينة فى بحار القطرة ، ويحفظهم فى سفينة السلامة والعصمة فى بحار القدرة ، وإنّ بحار القدرة تتلاطم أمواجها ، والناس فيها غرقى إلا من يحفظه الحقّ ـ سبحانه ـ فى سفينة العناية.
وصفة أهل الفلك إذا مستهم شدّة خوف الغرق ما ذكر الله فى قوله : (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٢) كذلك من شاهد نفسه على شفا الهلاك والغرق ، والتجأ إلى صدق الاستعانة ودوام الاستغاثة فعند ذلك يحميه الحقّ ـ سبحانه ـ من مخلوقات التقدير. ويقال إنّ وجه الأرض بحار الغفلة ، وما عليه الناس من أسباب التفرقة بحار مهلكة والناس فيها غرقى ، وكما قال بعضهم :
الناس بحر عميق |
|
والبعد عنهم سفينة |
وقد نصحتك فانظر |
|
لنفسك المسكينة |
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣))
__________________
(١) موجودة فى م وغير موجودة فى ص.
(٢) آية ٦٥ سورة العنكبوت.