وقيل لمّا كشف الله عنه البلاء قيل له : ما أشدّ مالقيت فى أيام البلاء؟ فقال شماتة الأعداء :
وفى القصة أن تلامذة أيوب كسروا أقلامهم ، وحرّقوا ما كتبوه عنه وقالوا : لو كان لك عند الله منزلة لما ابتلاك بكل هذا البلاء! وقيل لم يبق معه إلا زوجه ، وكانت من أولاد يوسف النبي عليهالسلام ، فهى التي بقيت معه وكانت تخدمه وتتعهده.
ويقال إنما بقيت تلك المرأة معه لأنها كانت من أهل البلاء من آل يعقوب ـ عليهالسلام.
وقيل إنما قال : مسنى الضرّ لمّا قال لها الشيطان : إنّ أردت أن يشفى مريضك فاسجدى لى ، ولم تعلم أنه إبليس لأنه ظهر لها فى صورة إنسان ، فأخبرت أيوب بذلك فقال عندئذ : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ).
ويقال لمّا ظهر به البلاء اجتمع قومه وقالوا لها : أخرجى هذا المريض من قريتنا ، فإننا نخاف العدوى وأن يمسنّا بلاؤه ، وأن نعدى إلينا علّته ، فأخرجته إلى باب القرية فقالوا : إنا إذا أصبحنا وقعت أبصارنا عليه ، فنتشاءم به ، فأبعديه عن أبصارنا ، فحملته إلى أرض قفر ، وكانت تدخل البلد ، وتستأجر للخبز والعمل فى الدور ، فتأخذ الأجرة وتحملها إليه ، فلما علموا أنّها امرأته استقذروها ولم يستعملوها.
ويقال إنها كانت ذات ذوائب وقرون ، وكان أيوب يأخذ بذوائبها عند نهوضه ، فباعت ذوائبها برغيف أخذته لتحمله إليه ، فوسوس له الشيطان بأنها فعلت الفحشاء ، وأن شعرها جزّ فى ذلك فحلف أيوب أن يجلدها إذا صحّ حدسه ، وكانت المحنة على قلب تلك المرأة أشدّ مما على بدن أيوب من كل المحن.
وقيل إن امرأته غابت ودخلت البلد ، فعافى الله أيوب عليهالسلام ، وعاد شابا طريا كما قال فى قصته قوله : (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) (١). فلما رجعت
__________________
(١) آية ٤٢ سورة ص