دابته ، وألقى فى روعى أن ذلك سبب حياة العجل فطرحتها فى جوفه .. هكذا زيّنت لى نفسى فاتّبعت هواها.
ثم كان هلاكه .. لئلا يأمن أحد حفىّ مكر التقدير ، ولا يركن إلى ما فى الصورة من رفق فلعلّه ـ فى الحقيقة ـ يكون مكرا ، ولقد أنشدوا :
فأمنته فأتاح لى من مأمني |
|
مكرا ، كذا من يأمن الأحبابا |
قوله جل ذكره : (قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ)
لم يخف على موسى ـ عليهالسلام ـ تأثير التقدير وانفراد الحقّ بالإبداع ، فلقد قال فى خطابه مع الحق : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) ، ولكنه لم يدع ـ مع ذلك ـ بإحلال العقوبة بالسامري والأمر فى بابه بما يستوجبه ؛ ليعلم أن الحكم فى الإبداع والإيجاد ـ وإن كان لله ـ فالمعاتبة والمطالبة تتوجهان على الخلق فى مقتضى التكليف ، وإجراء الحقّ ما يجريه ليس حجّة للعبد ولا عذرا له.
قوله جل ذكره : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً)
كلّ ما تعلّق به القلب من دون الله ينسفه الحقّ ـ سبحانه بمحبّه (١) ؛ ولهذا يلقى الأصنام غدا فى النار مع الكفار ، وليس لها جرم ، ولا عليها تكليف ، ولا لها علم ولا خبر .. وإنما هى جمادات.
قوله جل ذكره : (إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (٩٨))
إي إلهكم الذي تجب عليكم عبادته بحقّ أمره هو الله الذي لا إله إلا هو ، وهو بوصف الجلال ، والذي لا يخفى عليه شىء من المعلومات هو الله ، وليس مثل الذي هو جماد لا يعلم
__________________
(١) الباء هنا معناها (مع).