ويقال لما خلا الصديق بالرسول عليهالسلام فى الغار ، وأشرقت على سرّه أنوار صحبة الرسول عليهالسلام ، ووقع عليه شعاع أنواره ، واشتاق إلى الله تعالى لفقد قراره ـ أزال عنه لواعجه بما أخبره من قربه ـ سبحانه ـ فاستبدل بالقلق سكونا ، وبالشوق أنسا ، وأنزل عليه من السكينة ما كاشفه به من شهود الهيبة.
ويقال كان الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثانى اثنين فى الظاهر بشبهه (١) ولكن كان مستهلك الشاهد فى الواحد بسرّه.
قوله جل ذكره : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١))
أمرهم بالقيام بحقه ، والبدار إلى أداء أمره فى جميع أحوالهم.
(خِفافاً) يعنى فى حال حضور قلوبكم ، فلا يمسّكم نصب المجاهدات.
(وَثِقالاً) إذا رددتم إليكم فى مقاساة تعب المكابدات. فإنّ البيعة أخذت عليكم فى (...) (٢) و (...) (٣).
ويقال (خِفافاً) إذا تحررتم من رقّ المطالبات والاختيار ، (وَثِقالاً) إذا كان على قلوبكم ثقل الحاجات ، وأنتم تؤمّلون قضاء الحقّ ماربكم.
قوله جل ذكره : (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢))
__________________
(١) (بشبهه) هنا معناها بإنسان مثله ، أي كان أنسه ـ فى الظاهر بصاحبه ، وعلى الحقيقة كان أنسه بالله.
(٢ ، ٣) لفظتان مشتبهتان ، وربما كانتا بمعنى (حضوركم وغيبتكم) أو (قربكم وبعدكم) أو نحو ذلك .. فهكذا نفهم من السياق.