ويسّر له النطق والفعل ، والتدبير فى الأمور ، والاستيلاء على الحيوانات
على وجه التسخير.
قوله جل ذكره :
(وَالْأَنْعامَ
خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥))
ذكّرهم بما
تفضّل عليهم ، وأخبرهم بما للحيوانات من النّعم ، وما لهم فيها من وجوه الانتفاع
فى جميع الأحوال ، كالحمل وكالسفر عليها وقطع المسافات ، والتوصّل على ظهورها إلى
مآربهم ، وما لنسلها ولدرّها من المنافع.
قوله جل ذكره :
(وَلَكُمْ فِيها
جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى
بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ
لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧))
الغنيّ له جمال
بماله ، والفقير له استقلال بحاله .. وشتّان ماهما! فالأغنياء يتجملون بأنعامهم
حين يريحون وحين يسرحون ، والفقراء يستقلون بمولاهم حين يصبحون وحين يمسون. أولئك
تحمل أثقالهم جمالهم ، وهؤلاء يحمل الحقّ عن قلوبهم أثقالهم.
(لَمْ تَكُونُوا
بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) : قوم أحوالهم مقاساة الشدائد ؛ يصلون سيرهم بسراهم ،
وقوم فى حمل مولاهم ؛ بعيدون عن كدّ التدبير ، مستريحون بشهود التقدير ، راضون
باختيار الحقّ فى العسير واليسير .
قوله جل ذكره :
(وَالْخَيْلَ
وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ
(٨))
فالنفوس فى
حملها كالدواب ، والقلوب معتقة عن التعنّى فى الأسباب. (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) : كما أن أهل الجنة من المؤمنين يجدون فى الآخرة ما لا
عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر فكذلك أرباب الحقائق يجدون ـ اليوم
ـ ما لم يخطر قطّ على بال ، ولا قرأوا فى كتاب ، ولا تلقنوه من أستاذ ، ولا إحاطة
بما أخبر الحق أنه
__________________