العناية. ولقد بالغ فى الإحسان إليك من كان يظهر لك الغيب من غير التماس أو سبق شفاعة فيك ، أو رجاء نفع من المستأنف (١) منك ، أو حصول ربح فى الحال عليك ، أو وجود حق فى المستأنف لك.
ثم قال : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) يعنى كما أحسنت إليكم فى السالف من غير استحقاق فانتظروا جميل إحسانى فى (الغابر) (٢) من غير (استيجاب) (٣).
قوله جل ذكره : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ)
يذكرهم حسن أفضاله معهم ، وقبح (فعلهم) (٤) فى مقابلة إحسانه بنقضهم عهدهم.
وعرف المؤمنين ـ تحذيرا لهم ـ ألا ينزلوا منزلتهم فيستوجبوا مثل ما استوجبوه من عقوبتهم.
قوله جل ذكره : (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ).
أي لئن قمتم بحقي لأوصلن إليكم حظوظكم ، ولئن أجللتم أمرى فى العاجل لأجلّن قدركم فى الآجل.
وإقامة الصلاة أن تشهد من تعبده ، ولذا قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اعبد الله كأنّك تراه».
ويقال إقامة الصلاة شرطها أن تقبل على من تناجيه بأن تستقبل القطر الذي الكعبة فيه.
وأمّا إيتاء الزكاة فحقّه أن تكسب المال من وجهه ، وتصرفه فى حقه ، ولا تمنع الحق
__________________
(١) أي ما يمكن أن نقدمه من طاعات فى المستقبل ، فالله غنى عنه.
(٢) نرجح أنها (الحاضر) حتى ينسجم السياق فإن (الغابر) و (السالف) بمعنى (الماضي).
(٣) يعنى استحقاق.
(٤) وردت (فعلهم) بميم زائدة من الناسخ.