حرّم على الظواهر هذه المعدودات وهى ما أهل به لغير الله ، وحرّم على السرائر صحبة. غير الله بل شهود غير الله ، فمن اضطر ـ أي لم يجد إلى الاستهلاك فى حقائق الحق وصولا ـ فلا يسلكنّ غير سبيل الشرع سبيلا ، فإما أن يكون محوا فى الله ، أو يكون قائما بالله ، أو عاملا لله ، والرابع همج لا خطر له.
قوله جل ذكره :
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤))
العلماء مطالبون بنشر دلائل العلم ، والأولياء مأمورون بحفظ ودائع السّر فإن كتم هؤلاء براهين العلوم ألجموا بلجام من النار ، وإن أظهر هؤلاء شظية من السر عوجلوا ببعاد الأسرار ، وسلب ما أوتوا (١) من الأنوار. ولكل حدّ ، وعلى كل أمر قطيعة.
قوله جل ذكره : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (١٧٦))
إن الذين آثروا الغير على الغيب ، والخلق على الحقّ ، والنفس على الأنس ، ما أقسى قلوبهم ، وما أوقح محبوبهم ومطلوبهم ، وما أخسّ (٢) قدرهم ، وما أفضح (٣) لذوى الأبصار أمرهم! ذلك بأن الله نزّل الكتاب بالحق ، وأمضى القضاء والحكم فيه بالصدق ، وأوصلهم إلى ما له أهّلهم ، وأثبتهم على الوجه الذي عليه جبلهم.
__________________
(١) وردت (أتوا) والصواب (أوتوا) لتناسب المعنى.
(٢) وردت (أخص) والصواب أخس لتناسب المعنى.
(٣) وردت ما (أفصح) ونرجح أنها فى الأصل ما (افضح).