ونظير هذا قراءة قوله تعالى : (ندعوه إنه)(١) [الطور / ٢٨]. فمن قرأ بالفتح فعلى تقدير دخول لام التعليل ؛ لأن هذه اللام إذا دخلت على (إنّ) لفظا أو تقديرا فتحت همزتها ، ومن قرأ بالكسر فعلى الاستئناف والجواب لسؤال مقدر قبله (٢). وقال النحاس : (والكسر أبين لأنه إخبار بهذا فالأبلغ أن يبتدأ) (٣).
١٥ ـ إعمال (إن) المخففة عمل (إنّ) المشددة : تهمل (إن) المخففة عند أكثر العرب وإذا أهملت لزمتها اللام الفارقة بينها وبين (إن) النافية (٤) ، ويقل عندئذ إعمالها كالمشددة إلا ما حكي عن سيبويه والأخفش (٥). ففي قوله تعالى : (وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم) [هود / ١١١] قرئ بتخفيفها وتشديدها (٦). والذين قرءوا بتخفيفها خفّفوا أيضا (ما) التي بعدها.
وعلى هذه القراءة يكون للآية إعرابان ، في كلّ منهما تكون (إن) مؤكّدة عاملة عمل (إنّ) المشددة غير أن (ما) تقع اسما موصولا بمعنى الذى خبرا ل (إن) ، وتقع أيضا زائدة (٧). وعند الكوفيين لا يجوز إعمال (إن) المخففة بأي حال من الأحوال (٨).
١٦ ـ الفصل بين (أنّ) المخففة وخبرها : إذا خففت (أنّ) المفتوحة بقيت على عملها ، لكن اسمها لا يكون إلا ضمير الشأن محذوفا ، وخبرها لا يكون إلّا جملة اسمية أو فعلية (٩). فإذا كان اسمها جملة اسمية لم يحتج إلى فاصل إلّا إذا
__________________
(١) الكنز / ٥٧٩.
(٢) حجة القراءات / ٦٨٤ ، وأوضح المسالك ١ / ٣٤٠ ، والمشكاة الفتحية / ٢٠٢.
(٣) إعراب القرآن (النحاس) ٣ / ٢٥٤.
(٤) ما لم ينشر من الأمالي الشجرية / ٤٠٩ ، ٤١٠ نقلا عن كتاب (نصوص محققة في اللغة والنحو ، وأوضح المسالك ١ / ٣٦٦.
(٥) شرح ابن عقيل ١ / ٣٧٨ ، وشفاء العليل ١ / ٣٦٧ ، وحاشية الدسوقي ١ / ٢٢.
(٦) الكنز / ٤٤٤.
(٧) الحجة في القراءات السبع / ١٩٠. ١٩١.
(٨) منثور الفوائد / ٦٧.
(٩) شرح ابن عقيل ١ / ٣٨٣ ، ٣٨٦.