دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩) أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠)
____________________________________
دُونِهِ) من دون الله (فَذلِكَ) القائل (نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) فهم على طهارتهم وقربهم لا فرق بينهم وبين سائر العبيد في أن المدعي منهم للألوهية نصيبه جهنم ، ولعل قسما من المشركين كانوا يعبدون الملائكة ، كما يظهر من قوله سبحانه (إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (١) ولذا يأتي هذا الكلام الجازم بأنهم لا يدّعون الألوهية فكيف أنتم تقولون عنهم ذلك ، ولو ادعاها أحدهم لجوزي بالنار (كَذلِكَ) الذي نجزي مدعي الألوهية (نَجْزِي الظَّالِمِينَ) الذين يظلمون أنفسهم بالكفر والعصيان.
[٣١] ثم يرجع السياق إلى بيان الآيات الكونية الدالة على قدرة الله وعمله وسائر صفاته فيقول سبحانه (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) استفهام تقريع وتوبيخ (أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً) أي كانت كل واحدة منهما متصلة لا تمطر السماء ولا تنبت الأرض النبات ، فحمل الرتق على السماوات والأرض من باب زيد عدل (فَفَتَقْناهُما) أي شققناهما بإنزال المطر من السماء ، فإن السماء ـ وهي جهة العلو ـ تشق بالمطر ، وإنبات النبات من الأرض (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) فإن أصل الحياة وبقائها بالماء ، وقد ناسبت هذه الجملة الجملة السابقة الدالة على فتق السماء بالمطر (أَفَلا يُؤْمِنُونَ) بعد ما يرون من هذه الآيات
__________________
(١) الزخرف : ٨٢.