____________________________________
الاستدلال على عدم التعدد من وجهين : الأول من ناحية الذات ، والثاني من
ناحية اللوازم.
أما الأول :
وهو من ناحية الذات ، تقريره أنه لو كان إلهان لكان بينهما جامع ولكل منهما مائز ،
والجامع غير المائز ، فيلزم تركب الإله ، وكل تركيب مستلزم لعدم الألوهية ، إذ
المركب يحتاج إلى الأجزاء وإلى المركّب ، والمحتاج مسبوق بالغير ، والمسبوق بالغير
ممكن لا واجب فليس بإله.
وأما الثاني
وهو من ناحية اللوازم ، تقريره أنه لو كان إلهان هل يعقل تخالفهما في الإرادة ـ كأن
يريد هذا إحياء زيد والآخر عدم حياته ـ أم لا يعقل؟ وكل من المعقولية وعدمها
مستلزم لعدم التعدد ، أما لو كان تخالفهما في الإرادة معقولا فلا يخرج الحال عن
ثلاثة أمور : إما أن يقع مرادها وهو محال لاستلزامه اجتماع النقيضين. وإما أن لا
يقع مرادهما وهو محال لاستلزامه ارتفاع النقيضين. وإما أن يقع مراد أحدهما ، وذلك
مستلزم لعدم كون الآخر إلها لأنه محدود القدرة مغلوب على أمره ، وأما لو كان
تخالفهما في الإرادة غير معقول فليس ذلك لاستحالة ذاتية في مراد أحد الإلهين ـ كإحياء
زيد ـ وإنما الاستحالة ناشئة من مخالفة الإله الآخر ، وذلك يستلزم العجز الملازم
للإمكان ، فهذا الإله الذي لا يعقل أن يريد إحياء زيد عاجز ، والعاجز لا يكون إلها
، لما تقرر في علم الكلام من أن العاجز لا يعقل أن يكون إلها إذ بساطة الوجود في
الإله ، وإمكان المهية في المقابل ، ووحدة نسبة الإله إلى جميع الممكنات ، مستلزم
للقدرة المطلقة ، وبهذا التقرير تبين : أن الدليل لا يتوقف على تخالف الإرادة
خارجا ، حتى يقال إنهما