(أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥) وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) (١٦٧)
عنه ، وكانوا واقفين على أحواله في الصدق والأمانة ، فكان ذلك أقرب لهم إلى تصديقه وكان لهم شرف بكونه منهم ، وفي قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١) من أنفسهم أي من أشرفهم (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) أي القرآن بعد ما كانوا أهل جاهلية لم يطرق أسماعهم شيء من الوحي (وَيُزَكِّيهِمْ) ويطهرهم بالإيمان من دنس الكفر والطغيان ، أو يأخذ منهم الزكاة (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) القرآن والسّنّة (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ) من قبل بعثه (٢) (لَفِي ضَلالٍ) عمى وجهالة (مُبِينٍ) ظاهر لا شبهة فيه ، إن مخففة من الثقيلة ، واللام فارقة بينها وبين النافية ، والتقدير وإنّ الشأن والحديث كانوا من قبل في ضلال مبين.
١٦٥ ـ (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) يريد ما أصابهم يوم أحد من قتل سبعين منهم (قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) يوم بدر من قتل سبعين ، وأسر سبعين ، وهو في موضع رفع صفة لمصيبة (قُلْتُمْ أَنَّى هذا) من أين هذا (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) لاختياركم الخروج من المدينة ، أو لترككم المركز ، لمّا نصب بقلتم ، وأصابتكم في محل الجر بإضافة لمّا إليه ، وتقديره أقلتم حين أصابتكم ، وأنّى هذا نصب لأنّه مقول والهمزة للتقرير والتقريع ، وعطفت الواو هذه الجملة على ما مضى من قصة أحد من قوله : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) (٣) أو على محذوف كأنّه قيل أفعلتم كذا ، وقلتم حينئذ كذا ، (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يقدر على النصر وعلى منعه.
١٦٦ ـ (وَما أَصابَكُمْ) ما بمعنى الذي وهو مبتدأ (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) جمعكم وجمع المشركين بأحد ، والخبر (فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) فكائن بإذن الله ، أي بعلمه وقضائه.
١٦٧ ـ (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) وهو كائن ليتميز المؤمنون والمنافقون ، وليظهر
__________________
(١) ليست في (ز) وفي (ظ) عليهالسلام.
(٢) في (ظ) بعثة الرسول ، وفي (ز) بعثة الرسول صلىاللهعليهوسلم.
(٣) آية سبقت في هذه السورة ، رقم ١٥٢.