(وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ
فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا
يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِنْ مُتُّمْ
أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨)
فَبِما
رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ
فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ)
(١٥٩)
(وَاللهُ بِما
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فيجازيكم على أعمالكم ، يعملون مكي وحمزة وعليّ أي الذين
كفروا.
١٥٧ ـ (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ
أَوْ مُتُّمْ) متم وبابه بالكسر نافع وكوفي غير عاصم ، تابعهم حفص إلا في
هذه السورة كأنّه أراد الوفاق بينه وبين قتلتم. غيرهم بضم الميم في جميع القرآن ،
فالضم من مات يموت ، والكسر من مات يمات كخاف يخاف ، فكما تقول خفت تقول متّ (لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ
خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ما بمعنى الذي والعائد محذوف ، وبالياء حفص.
١٥٨ ـ (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ
لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) لإلى الرحيم الواسع الرحمة ، المثيب العظيم الثواب تحشرون.
ولوقوع اسم الله هذا الموضع مع تقديمه وإدخال اللام على الحرف المتصل به
شأن غني عن البرهان ، لمغفرة جواب القسم ، وهو سادّ مسدّ جواب الشرط ، وكذلك لإلى
الله تحشرون ، كذّب الكافرين أولا في زعمهم أنّ من سافر من إخوانهم أو غزا لو كان
بالمدينة لما مات ، ونهى المسلمين عن ذلك لأنه سبب التقاعد عن الجهاد ، ثم قال لهم
ولئن تم عليكم ما تخافونه من الهلاك بالموت أو القتل في سبيل الله فإنّ ما تنالونه
من المغفرة والرحمة بالموت في سبيل الله خير مما تجمعون من الدنيا ، لأنّ الدنيا زاد المعاد فإذا وصل العبد إلى المراد لم يحتج إلى
الزاد.
١٥٩ ـ (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ
لَهُمْ) ما مزيدة للتوكيد والدلالة على أنّ لينته لهم ما كان إلا برحمة من الله ، ومعنى الرحمة ربطه على جأشه ، وتوفيقه للرفق والتلطف بهم (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا) جافيا (غَلِيظَ الْقَلْبِ) قاسيه (لَانْفَضُّوا مِنْ
حَوْلِكَ) لتفرقوا عنك حتى لا يبقى حولك أحد منهم (فَاعْفُ عَنْهُمْ) ما كان منهم يوم أحد مما يختصّ بك (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) فيما يختصّ بحق الله إتماما للشفقة عليهم (وَشاوِرْهُمْ فِي
__________________