(وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٠٧) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (١٠٨) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) (١١٠)
١٠٧ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ) ففي نعمته ، وهي الثواب المخلّد ، ثم استأنف فقال : (هُمْ فِيها خالِدُونَ) لا يظعنون (١) عنها ولا يموتون.
١٠٨ ـ (تِلْكَ آياتُ اللهِ) الواردة في الوعد والوعيد وغير ذلك (نَتْلُوها عَلَيْكَ) متلبسة (بِالْحَقِ) والعدل من جزاء المحسن والمسيء (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) أي لا يشاء أن يظلم هو عباده فيأخذ أحدا بغير جرم ، أو يزيد في عقاب مجرم ، أو ينقص من ثواب محسن.
١٠٩ ـ (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، ترجع شامي وحمزة وعليّ.
كان عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض على سبيل الإبهام ولا دليل فيه على عدم سابق ولا على انقطاع طارئ ، ومنه قوله :
١١٠ ـ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) كأنّه قيل وجدتم خير أمة ، أو كنتم في علم الله ، أو في اللوح خير أمة ، أو كنتم في الأمم قبلكم مذكورين بأنّكم خير أمة موصوفين به (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) اللام تتعلق (٢) بأخرجت (تَأْمُرُونَ) كلام مستأنف بيّن به كونهم خير أمة ، كما تقول زيد كريم يطعم الناس ويكسوهم ، بيّنت بالإطعام والإلباس وجه الكرم فيه (بِالْمَعْرُوفِ) بالإيمان وطاعة الرسول (وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) عن الكفر وكلّ محظور (وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) وتدومون على الإيمان به ولأنّ (٣) الواو لا تقتضي الترتيب (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ) بمحمد عليهالسلام (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) لكان الإيمان خيرا لهم مما هم عليه (٤) ، لأنّهم إنّما آثروا دينهم على دين الإسلام حبا للرياسة واستتباع العوام ، ولو آمنوا لكان (٥) لهم من الرياسة والأتباع وحظوظ الدنيا ما
__________________
(١) ظعن : سار وارتحل ، أي لا يرتحلون عنها.
(٢) في (ز) يتعلق.
(٣) في (ز) أو لأن.
(٤) في (ز) فيه.
(٥) في (ظ) لكان خيرا لهم.