تتعلق بالنور الأول والعقول التسعة الأولى الصادرة عن الأول ، وهو أمر ذكرناه سابقا في كيفية صدور العالم عن ذلك النور القديم ، قال صلىاللهعليهوسلم في الدعاء : (اللهم إجعل لي عن يميني نورا ، وعن يساري نورا ، ومن فوقي نورا ، ومن تحتي نورا ، واجعل لي من نفسي نورا).
فالمسلمون يتزوجون أربع نساء ، والعدد إشارة إلى العناصر الأربعة الأساسية المكونة لعالم المادة وهي الهواء والنار والتراب والماء ، فمن هذه العناصر كان العالم ، ولما كانت النفس لهذا العالم ، وكان العالم صادرا عنها وقائما بها كان لزاما ربط النفس بالعالم والعالم بالنفس وبالعدد أربعة المعبر عنه بأربع نساء نظرا لكون المرأة محل الانفعال ، والعالم الحسي كله انفعال قابل.
أما النبي فباعتبار نوره فله أن يتزوج أكثر من أربع ، إذ نوره جامع لعالم الروح والمادة أو النور والنار ، ويتكون الوجود الكلي من هذين العالمين وبالعدد عشرة المقدس الذي تحدث عنه الفيثاغوريون ، وفصلنا الكلام فيه في كتابنا الإنسان الكبير وفي كتابنا الإنسان الكامل مبينين كيف يقوم الوجود الكبير بالعقول العشرة الأولى أو الجواهر النورانية الأولى وعلى رأسها النور الأول ، ثم الأنوار التسعة الشريفة الباقية التي قلنا إنها أساس عالم الذرة مثل مقولات أرسطو العشر جوهر كم كيف حركة إضافة ملك زمان وضع فعل انفعال.
فالنبي صلىاللهعليهوسلم مع أزواجه التسع يكونون عالم العيان ، ولقد أمر النبي بألا يستبدل بأحد من أزواجه التسع ، أي أن الوجود الحسي القائم بالمقولات العشر سيظل قائما بهذه المقولات ، ولا يمكن أن يستبدل بمقولة قديمة مقولة جديدة ، إذ كيف يمكن أن تنتزع من العالم مقولة الزمان مثلا ، أو مقولة المكان ، أو مقولة الكم ، أو مقولة الكيف ، أو مقولة الفعل ، أو مقولة الانفعال؟
أما ما ملكت يمين النبي وقريباته فإشارات إلى الأسماء الحسنى التي هي ملك النبي وطوع أمره باعتباره نورها ومصدرها ومركز إشعاعها ، إذ من النور خرجت هذه المعقولات ، ولهذا كان للنور المحمدي كل اسم إلهي ما عدا اسم الجلالة الخاص به سبحانه ، أما على مستوى الربوبية فالنور هو المتصرف ، لأنه هو بدء الانتشار والكثرة ، وهو ملهم الكثرة ، وهو الواحد الذي تقوم به الكثرة وإليه تعود ، ولهذا وصف سبحانه نبيه بأنه بعث للناس أجمعين ، وبأنه أرسل هدى ورحمة للعالمين ، والملاحظ أن الرحمة صفة الرحمن ، والرحمن هو الوجود العياني نفسه ، فما من موصوف إلا وهو تابع للنبي صفته ، ولهذا كان تعين نوره عليهالسلام ختم الأنبياء باعتبار الخاتم بكسر التاء وفتحها.
٥١ ـ (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ