أنجر ، وكان بين أبي زكريا النخشبي وبين امرأة سبب ، قبل توبته ، فكان يوما
واقفا على رأس أبي عثمان الحيري ، فتفكر في شأنها ، فرفع أبو عثمان إليه رأسه وقال
: ألا تستحي؟
وفي أخبار
الصوفية قال أبو سعيد الخراز : دخلت المسجد الحرام ، فدخل فقير عليه خرقتان يسأل
شيئا ، فقلت في نفسي : مثل هذا كلّ على الناس ، فنظر إلى وقال : اعلموا أن الله
يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ، قال : فاستغفرت الله في سري ، فناداني وقال : وهو
الذي يقبل التوبة عن عباده ، وقال إبراهيم الخواص : كنت في الجامع ، فأقبل شاب طيب
الرائحة ، حسن الوجه ، حسن الجرمة ، فقلت لأصحابنا : يقع لي أنه يهودي ، فكلهم كره
ذلك ، فخرجت وخرج الشاب ، ثم رجع إليهم ، فقال : إيش قال الشيخ في؟ فاحتشموه ،
فألح عليهم ، فقالوا : قال إنك يهودي ، فجاء ، فأكب على يدي ، فأسلم ، فقلت : ما
السبب؟ قال : نجد في كتابنا أن الصديق لا تخطئ فراسته؟ فقلت أمتحن المسلمين ،
فتأملتهم ، فقلت : إن كان فيهم صديق ففي هذه الطائفة ، فلبست عليكم ، فلما اطلع
هذا الشيخ علي ، وتفرسني ، علمت أنه صديق.
٥٠ ـ (وَمُصَدِّقاً لِما
بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ
عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠))
[آل عمران : ٥٠]
التصديق
بالتوراة التصديق بكشف الفعل وهو مخصص للخواطر ، فالمسيحية التي هي علم الباطن
تلقي ضوءا على الخواطر وشعبها ، وتردها إلى حقيقة واحدة هي حقيقة التوحيد الجامعة
للضدين الخير والشر معا.
أما ما أحل
المسيح ، وهو بعض ما حرم على بني إسرائيل ، فهو وارد في علم الخواطر نفسه ، إذ في
بداية مكاشفة هذا العلم فإن على صاحب القلب المنور أن يفرق ويميز بين خواطره عن
طريق الجهاد ، ومن أجل الوصول إلى معرفة ضروب الخواطر فرض الله الجهاد ، وألزم
المؤمنين كلمة التقوى بأن جعلهم مع خواطر النور كالخاطر الإلهي والخاطر الملكي ،
وحرم عليهم أن يكونوا مع الخاطرين النفسي والشيطاني.
هذا في باب الجهاد
، ولكن بعد كشف الفعل والوصول إلى كشف الصفة فإن الدين يضع عن القلب بعض أثقاله ،
ومنها التحقق من أذى خاطري الوسوسة دون إرشاده إلى أصلهما النوارني ، فيسلم القلب
من هذا الأذى ، ولا يعود لخاطري الوسوسة من تأثير فيه.
٥١ ، ٥٢ ـ (إِنَّ اللهَ رَبِّي
وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١) فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى
مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ
أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢))
[آل عمران : ٥١
، ٥٢]