العبد وربه فيصير العبد ممثل الرب كما جاء في الحديث القدسي : (ما يزال
العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته صرت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي
يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها) ، والنتيجة بدهية وتتبع ما قلناه
عن يد الله النورانية والعصا ، فالكشف يكشف عن أن العبد جسر وواسطة للظهور لا غير
، وأن الله هو الظاهر ، وأن العبد شبح فان.
٢٤ ـ (اذْهَبْ إِلى
فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٢٤))
[طه : ٢٤]
فرعون بمثابة
النفس الأمارة ، فالنفس في تجربة الكشف تراقب وتتأمل وترى وكيف تغرق في بحر
الهيولى فلا يبقى منها إلا ما يبقيه الله لها وهو الوجود المضاف والمعاد.
٢٥ ، ٢٦ ـ (قالَ رَبِّ اشْرَحْ
لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦))
[طه : ٢٥ ، ٢٦]
شرح الصدر طلب
المدد من الله والعون لاستيعاب الحقيقة التي هي القول الثقيل والتي عبر عنها أبو
سعيد الخراز قائلا إنها الجمع بين الضدين ، فمن غير شرح الصدر لا يستطيع العبد أن
يتقبل حقيقة التوحيد ، ومن دون المدد الإلهي يبقى العبد على الساحل الذي قال فيه
البسطامي : خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله.
٢٧ ، ٢٨ ـ (وَاحْلُلْ عُقْدَةً
مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨))
[طه : ٢٧ ، ٢٨]
حل العقدة
معرفة سر الأعداد العشرة التي تحدثنا عنها في كتابنا الإنسان الكامل ، وقلنا : إن
الفيثاغوريين جعلوا العدد عشرة أساس الوجود ، وقال فيثاغورس : السلم الموسيقي يقوم
على أسس عددية ، فالفواصل الموسيقية الرئيسية في السلم الموسيقي يمكن أن يعبر عنها
في نسب من الأعداد الأربعة الأولى ، وهذه الأعداد مجتمعة تشكل العدد عشرة ، ولما
كانت الموسيقى لها قوة خاصة على الروح ، وهي التي تتخلل الكون ، فإن العالم كله لا
بد وأن يكون مؤلفا من العدد.
وقيل في
الأعداد : إنها جواهر روحانية هي أولى المبدعات عن الله ، وتحدثنا في كتابنا
المذكور عن العقدة وصلتها بالعدد عشرة ، وقلنا : إن العقدة أول ظهور لعالم الحس
والعيان ، وعليه فالإشارة في الآية إلى طلب العارف للمدد الإلهي لاستيعاب حقائق
العالم وما فيه من عقد مؤلفة من العدد عشرة المثالي لا الحسابي ، ولقد ربط في
الآية بين العقدة واللسان لأن لغة اللسان الحروف ، والحروف أداة للتعبير ومنها
التعبير عن الحقيقة ، والحقيقة ذات أساس هو موسيقى كونية مركبة من العدد عشرة أيضا
، وعلى الراغب في معرفة المزيد من صلة الأعداد بالموسيقى وبالعقدة مراجعة كتابينا
الإنسان الكامل والإنسان الكبير ، والمهم القول :