٢٥ ـ (وَهُزِّي إِلَيْكِ
بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥))
[مريم : ٢٥]
التقاط المكاشف
أنفاسه بعد مرور هول الكشف فينتبه ويفيق مما هو فيه ، ويسأل من ثم صوته عن سر
معادلات هذه الصور البارزة في ساحة خياله.
٢٦ ـ (فَكُلِي وَاشْرَبِي
وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي
نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦))
[مريم : ٢٦]
بدء تشرب العلم
الإلهي والطمأنينة التي تدخل القلب والسكينة كما قال سبحانه : (هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) [الفتح : ٤] ، والصوم المنذور هو صوم المعتكف عن كشف سر الأسرار ، إذ
المدخل سر عظيم قالوا فيه : الأمناء الأدباء لا يفشون أسرار الله ، ولا يطلبون
بذلك علوا على غيرهم ، ولا فسادا في أمور الناس ، بل يعاملون الخلق بما يعامل
بعضهم بعضا ، فلا يتعاطون شيئا من هتك ستر ولا نفوذ أمر ، بل كائنون مع الخلق
بأجسادهم ، بائنون عنهم بأرواحهم في حضرة القرب الإلهي.
والسر كلمات
أسرها النبي صلىاللهعليهوسلم وهو في النزع إلى الأمام علي رضي الله عنه ، حيث أدخله
في ثوبه ، وناجاه في اللحظات القليلة الأخيرة التي قبض بعدها ، فلما فرغ من نجواه
خرج علي من عنده ، فسأله الناس عمّا أفضى به إليه فقال : (علمني ألف باب ينفتح لي
من كل باب ألف باب) ، وقال أيضا : (لو وضعت لي وسادة ، وجلست عليها ، لحكمت لأهل
التوراة بتوراتهم ، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم ، ولأهل القرآن بقرآنهم) ، وقال : (يحكى
عن عهد موسى أن شرح كتابه أربعون حملا أي حملة العلم فلو يأذن الله لي في شرح
معاني الفاتحة لأشرع فيها حتى تبلغ مثل ذلك).
٢٧ ـ (فَأَتَتْ بِهِ
قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧))
[مريم : ٢٧]
خروج العارف
على الناس بعلمه الجديد ، وهو علم ثقيل بحاجة إلى صدور ذات سعة ، فلكم شنع على
أعلام الصوفية ، وكم طعن عليهم وانتقدوا وجرحوا حتى كان زمان أحرقت فيه كتب الإمام
الغزالي بالمغرب ، وما تزال كتب التوحيد الصوفية تلقى نقدا وردا من كثير من الناس
، وذلك بسبب ما في هذه الكتب من حقائق تضيق بها بعض الصدور.
٢٨ ـ (يا أُخْتَ هارُونَ ما
كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨))
[مريم : ٢٨]
الإشارة إلى أن
الملهم الذي ألهم العارف كتابة هذه الكتب أو الحديث عن علم التوحيد إلى الناس لا
يمكن أن يكون هو نفسه جبريل الروح الأمين الذي أوحى إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ... كما