الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩))
[إبراهيم : ٢٧ ، ٢٩]
التثبيت معرفة حقيقة التوحيد حيث يصبح الفكر من ثم قولا ثابتا لا مجال للشك فيه وفي معطياته بسبب المدد النوراني الذي أتاه من قبل الروح.
أما ضلال الظالمين فهو من باب المكر الإلهي الذي كنا تحدثنا عنه. فما دامت هناك أسماء خافضة ، والله غالب على أمره والقاهر فوق عباده ، فلا بد من أن يضل فريق من الناس ضلالا إلهيا ... نقول إلهيا لأنه ما على الأرض شيء له خروج على الإرادة الإلهية هدى وضلالا ، خفضا ورفعا ، إيمانا وكفرا ، ولهذا ختمت الآية بالقول : (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ ،) والآية من المحكمات اللواتي يلقين الضوء الساطع على بقية الآيات ليميز صاحب البصيرة المحكم من المتشابه من آيات الله.
٣٠ ـ (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠))
[إبراهيم : ٣٠]
الأنداد أن تقول هذا لله وهذا لي ، وهذا للطبيعة ، وهذا للعقل ، وهذا للغريزة ، وللهوى ، فتجعل من ثم في الأرض آلاف الآلهة ، حاشاه سبحانه أن يكون في الوجود كله إله آخر إلى جانب الحق. قال جلال الدين الرومي : ما كل هذا الخراب إلا بسبب التثنية ، يعني الوجود الإنساني إلى جانب الوجود الإلهي.
٣١ ـ (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١))
[إبراهيم : ٣١]
الإنفاق بالسر نقل السر الإلهي بالرفق إلى أهله ذوي القلوب المؤهلة لحمل السر التوحيدي العظيم ، والإنفاق علانية بث العلوم الدينية والعقلية للناس جميعا كما فعل الرسول حين علم الشريعة ، وأضاف إلى القرآن السنة من قول له أو عمل.
٣٢ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢))
[إبراهيم : ٣٢]
الفلك البدن ، وقد يكون الفكر ، والبحر الوجود العياني ، فمن دون البدن وآلاته والفكر وقواه ما كان للإنسان أن يوجد أولا ، وأن يكون إنسانا ثانيا ، وأن يعرف الله ثالثا.
٣٣ ـ (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣))
[إبراهيم : ٣٣]
الشمس الذات الكبرى المشعة ، وإشعاعها الأسماء والصفات ، والقمر مستقبل لأشعة الصفات ومظهرها في عالم العيان ، فالإنسان على التحقيق مستقبل ومرسل ، كما القمر ،