٢٢ ، ٢٤ ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤))
[الأنعام : ٢٢ ، ٢٤]
الحشر حشران ، حشر يكون قي القيامة الصغرى ، وهي قيامة الموحدين الذين قاموا من نوم الغفلة والجهل لما دعاهم الله لما يحييهم ، وحشر يكون في القيامة الكبرى هي بمثابة الجمع ، وتكون القيامة الصغرى صورة للكبرى. وسؤال الحق المشركين في الحشر الأصغر : (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) هو من نتائج الكشوف الثلاثة التي يراها المكاشف ، والتي يرى الناس فيها مظاهر صفات إلهية لا غير ، وينضوي في هذا الكشف كل عابد وثن وعابد هوى ومتعصب ، إذ ليست كل هذه العبادات إلا صورا ، والصور لله لأنها مظاهر أعيان ثابتة تلهم خيرا وشرا فلا يخرج على هذه القبضة الجامعة أحدا
٢٥ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥))
[الأنعام : ٢٥]
الأكنة الحجاب ، وكل الأسماء حجب ، وكل الأسماء أكنة ، لكن منها ما هي أكنة نورانية ، ومنها ما هي أكنة ظلمانية ، ولهذا جاء في الحديث : (إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه البصر من خلقه) ، والاستماع إلى النبي الاستماع إلى الصوت الجامع ، أو صوت الحق ، وهو نور ، فمن كان على قلبه قفل لم يسمع صوت النبي ، وإن سمعه لا يؤمن به.
ووقر الآذان يعني أن الأذن وسيلة ، والمهم الذي توصل الأذن إليه الصوت ، فمن كان قلبه نورانيا سمع كلام النبي وصدق به وخشع ، وإلا فإن الآيات لا تغني ، ولا كلام النبي ينفع ، لأن كلام النبي نور ، والنور لا يوافق الظلمة ، ولا الظلمة تناسب النور.
٢٦ ـ (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٢٦))
[الأنعام : ٢٦]
الإهلاك النزول إلى أسفل سافلين وهو مقر النفس الجزئية الحيوانية التي هي خلق إلهي ونفخ في الجنين حتى تدب فيه الحياة ، فإذا خرج هذا الروح الحيواني منه صار إلى عدم ، قال جلال الدين الرومي : هذه الروح مرتبطة بالبدن ، وقال : هذه الروح تصير ترابا.
وإهلاك النفس حاصل لأن أصحاب النفوس الحيوانية لم يرتقوا ولم يعرجوا ، وبالتالي لم يعبدوا الله ولم يعرفوه ، فحياتهم تساوي حياة البهائم ، وموتهم موت البهائم ، وقال الرومي :