فالمؤمن أخو المؤمن ، ولا فرق في مقام الود والمحبة بين مؤمن مسيحي ومؤمن مسلم ، ولهذا يود هذا ذاك.
وقوله : (لا يَسْتَكْبِرُونَ) يعني معرفة المؤمن المسيحي مالدى المؤمن المسلم من نور وحق فيقر به.
٨٣ ـ (وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣))
[المائدة : ٨٣]
سماع ما أنزل إلى الرسول هو الوحي وسماعه ، والوحي أصله واحد وهو يقع في القلب قبل أن يقع في العقل ، والقلب بيت الوجدان ، والوجدان الشعور ، والنتيجة التأثر وفيض الأعين ، فلا يرفض القرآن مؤمن مسيحيا كان أو يهوديا ، ومن يرفضه فهو ليس يهوديا ولا مسيحيا حقا.
٨٤ ـ (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤))
[المائدة : ٨٤]
الإقرار بأن ما جاء من الحق واحد ، وأن ما أنزل على موسى هو مثل ما أنزل على عيسى ، وهو مثل ما أنزل على محمد ، وأتباع الديانات فريق واحد هم الصالحون.
٨٥ ، ٨٦ ـ (فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦))
[المائدة : ٨٥ ، ٨٦]
الإثابة جنات الظفر بالعلوم الإلهية سواء أكانت من مقام كشف الفعل ، أو من مقام كشف الصفة ، أو من مقام كشف الذات ، ولقد جمع الله أصحاب هذه الكشوف الثلاثة في مقام واحد هو الإحسان ، وسمى أهله محسنين.
٨٧ ، ٨٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨))
[المائدة : ٨٧ ، ٨٨]
تجاوز حدود الله حتى من أجل الظفر بجناته محرم في دين الله ، فالله سبحانه ما خلق النفس الحيوانية لتعذب ، وما خلق قواها لتعطل ، ولكنه حذر سبحانه من مغبة الاسترسال إلى الشهوات وطلب اللذات ومد العينين إلى زينة الحياة الدنيا دون الآخرة ، والأصل الاعتدال وله فلسفة أخلاقية مشهورة ، فالشجاعة عرفت مثلا بأنها التوسط بين الجبن والتهور ، والعفة بين الفجور والشهوة الحلال.