واختلفا بضربتين ، فوقع سيف اليهوديّ في ترس عامر ، ووقع سيف عامر على ركبة نفسه وساقه فمات منها. قال سلمة بن الأكوع : فمررت على نفر من الصّحابة وهم يقولون : بطل عمل عامر ، فأتيت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وأنا أبكي فأخبرته بذلك ، فقال : [كذب من قال ذلك ، بل له أجره مرّتين].
ثمّ عاد رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليّا رضي الله عنه وكان حينئذ أرمد قد عصب عينه بشقّ برد ، قال سلمة بن الأكوع : فجئت به أقوده إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ما لك يا عليّ؟] قال : رمدت يا رسول الله ، قال : [أدن منّي] فدنا منه ، فتفل في عينيه فبرئ من ساعته ، وما وجعت عيناه بعد ذلك أبدا حتّى مضى سبيله. ثمّ أعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم الرّاية فهدى بها وعليه حلّة أرجوان حمراء ، فأتى مدينة خيبر ، فخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يرتجز ويقول :
قد علمت خيبر أنّي مرحب |
|
شاكي السّلاح بطل مجرّب |
أطعن أحيانا وحينا أضرب |
|
إذا الحروب أقبلت نلتهب (١) |
كان حمايا مانعا لا يقرب |
فبرز إليه عليّ رضي الله عنه ، وقال :
أنا الّذي سمّتني أمّي حيدره |
|
كليث غابات شديد قسوره |
أكيلكم بالسّيف كيل السّندره |
فاختلفا بضربتين ، فبدره عليّ رضي الله عنه بالضّربة فقدّ الحجر والمغفر وفلق رأسه فوقع ميّتا ، وكان الفتح على يديه) (٢).
ثمّ خرج بعد مرحب أخوه ياسر وهو يرتجز ويقول :
قد علمت خيبر أنّي ياسره |
|
شاكي السّلاح بطل معاقره |
__________________
(١) في السيرة النبوية لابن هشام : ج ٣ ص ٣٤٧ : (تحرّب) بدل (تلتهب).
(٢) أخرجه مسلم في الصحيح : كتاب الجهاد : الحديث (١٣٢ / ١٨٠٧) عن طريق إياس بن سلمة عن أبيه.