والشتم ، كقوله تعالى (مَلْعُونِينَ)(١) والمعنى : أعني حمّالة الحطب ، وفي قراءة عبد الله (ومريّته حمّالة الحطب) (٢) ، وقراءة أبي قلابة (٣) (وامرأته حاملة الحطب) على وزن فاعلة.
قوله تعالى : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) (٥) ؛ أي في عنقها حبل في الآخرة له ثقل الحديد ، وحرارة النار ، وخشونة اللّيف ، وقال ابن عبّاس : «معناه : في عنقها سلسلة ذرعها سبعون ذراعا من حديد ، لو وضعت منها حلقة على جبل لذاب ، كما يذوب الرّصاص ، تدخل في فيها ، وتخرج من دبرها ، ويلوى سائر باقيها في عنقها ، وذلك لأنّها كانت لها قلادة فاخرة وكانت تقول : لأنفقنّها في عداوة محمّد صلىاللهعليهوسلم» (٤).
ويقال : إنّها اختنقت في الدّنيا بحبل من ليف خنقها الله به فأهلكها ، ويجعل في الآخرة في عنقها جبل من نار تساق به إلى النار.
والمسد في اللغة : الفتل ، والممسود : المفتول. وقيل : المسد : الحديدة التي تدور عليها البكرة تجعل في عنقها سلسلة ، وتجعل السلسلة في تلك الحديدة ، فهي تجتذب بها في النار وتختلف بها في النار ، كما تختلف بالدّلو في البئر على البكرة ، يشهرها الله بهذه العلامة في جهنّم ، ترفع مرّة ، وتخفض أخرى مع سائر أنواع العقوبات.
آخر تفسير سورة (المسد) والحمد لله رب العالمين
__________________
(١) الأحزاب / ٦١.
(٢) قرأ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (ومريّته حمّالة الحطب) على التصغير ، وعنه أيضا (ومريئته). إلا أنه أقر الهمزة تارة ، وأبدلها بالياء وأدغم فيها أخرى.
(٣) في المخطوط : (وقراءة أبي قلابة (وامرأته حمالة الحطب على وقراءة أبي قلابة) مكررة ، والصحيح في حال إثبات قراءة ، تكون العبارة : (وقراءة عياض : (وامرأته حمالة للحطب ، بالتنوين وجر المفعول بلام زائدة تقوية للعمل كقوله تعالى : فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ [البروج / ٦]) ينظر : اللباب في علوم الكتاب : ج ٢٠ ص ٥٥٥. وعلى ما يبدو أن خطأ عند الناسخ ، فكرر قراءة أبي قلابة ، وهذا هو الراجح والله أعلم. ورقة (٥٢٨).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢٩٦٠٥) مختصرا.