وقيل : الهمزة : الذي يأكل لحوم الناس ويغتابهم ، واللّمزة : الطعّان عليهم. وقيل : اللّمزة : الذي يكرم الناس بلسانه ويهمزهم بعينه ، وقال ابن كيسان : «الهمزة : الّذي يؤذي جليسه بسوء اللّفظ ، واللّمزة : الّذي يكسر عينه على جليسه ، ويشير برأسه ، ويومئ بعينيه ، ويرمز بحاجبه» (١).
قوله تعالى : (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) (٢) ؛ قرأ ابن كثير وأبو عامر ونافع وعاصم (جمع) بتخفيف الميم ، وقرأ غيرهم بالتشديد ، ومعنى الآية : الذي جمع مالا كثيرا من الحرام وعدّده لنوائب دهره. وقيل : عدّه وأحصاه وأحرزه ، وقرأ الحسن (وعدده) بالتخفيف ؛ أي جمعه وعدده ؛ أي وخدمه واتباعه ، تقول العرب : جمعت الشيء إذا كان متفرّقا ، وجمّعت الشيء بالتشديد اذا أكثرت الجمع منه.
قوله تعالى : (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) (٣) ؛ معناه : يحسب هذا الكافر الطاعن اللعّان أنّ كثرة ماله تخلده وتبقيه؟ أي يعمل عمل من يظنّ أن ماله يبقيه؟ قوله تعالى : (كَلَّا ؛) أي حاشا أن يخلد أحد في الدنيا. ويجوز أن يكون معناه : حقّا ؛ (لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) (٤) ؛ أي ليطرحنّ فيها ، وقرأ الحسن (لينبذان) أي ليطرحانّ هو وماله. والحطمة : اسم دركة من دركات النار ، سميت بذلك ؛ لأنّها كثيرة الحطم للكفار ، وأصل الحطم الكسر ، يقال : رجل حطمة إذا كان كثير الأكل.
قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ) (٥) ؛ تفخيم لشأنها ، وقوله تعالى : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ) (٦) ؛ أي لا تخمد أبدا ، وقوله تعالى : (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) (٧) ؛ أي تشرف على القلوب ، تأكل كلّ شيء من الجلود واللّحوم والعظام والعروق حتى يبلغ إحراقها إلى القلوب.
__________________
(١) ذكره ابن عادل الحنبلي في اللباب في علوم الكتاب : ج ٢٠ ص ٤٨٩.