قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) (٦) ؛ يعني بالطّاعات والحسنات ، (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٧) ؛ أي ذات رضى يرضاها الله ، وقيل : معنى (راضية) أي مرضيّة.
قوله تعالى : (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (٩) ؛ أي خفّت من الأعمال الصالحة فمسكنه ومأواه الهاوية ، يأوي إليها ، كما يأوي الولد إلى أمه. وقيل : يهوي على أمّ رأسه في النار دركة من دركات النار.
واختلفوا في كيفيّة وزن الأعمال ، فقال بعضهم : توزن صحائف الحسنات في كفّة ، وصحائف السيّئات في كفّة. وقال بعضهم : يخلق الله من الحسنات نورا يكون علامة للحسنات ، فتوضع في كفّة الحسنات ، ويخلق من السيّئات ظلمة تكون علامة للسيّئات ، فتوضع في كفّة السيّئات.
واختلفوا فيمن يزن الميزان ، قال بعضهم : يتولّاه ملك من الملائكة موكّل بالموازين. وقال بعضهم : يتولّاه جبريل فيقف بين الكفّتين ويزن الأعمال ، فمن رجحت حسناته على سيّئاته نادى بصوت يسمعه أهل الموقف : الآن فلان بن فلان ، سعد سعادة لا شقاء بعدها أبدا ، ومن رجحت سيّئاته على حسناته نادى الملك بصوت يسمعه أهل الموقف : الآن فلان بن فلان ، شقي شقاوة لا سعادة بعدها أبدا.
قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) (١٠) ؛ أي ما أعلمك ـ يا محمّد ـ ما الهاوية لو لم أعلمك؟ وهذه الهاء تسمى هاء السّكت. وقوله تعالى : (نارٌ حامِيَةٌ) (١١) ؛ تفسير للهاوية ؛ ومعناه : نار قد تناهت حرارتها منتهاها.
ويروى : «أنّ الفضيل بن عياض كان كلّما افتتح هذه السّورة قطعته العبرة من شدّة الهول ، ففارق الدّنيا وما ختمها».
آخر تفسير سورة (القارعة) والحمد لله رب العالمين